أنهى الحلف الأطلسي مناورات عسكرية متعددة استهدفت أساسا ضمان الملاحة والرد على الأزمات في مضيق جبل طارق والواجهة الشرقية الإسبانية حتى المياه المغربية، وتأتي كرد على ارتفاع الاهتمام الروسي والصيني بغرب البحر الأبيض المتوسط وخاصة المضيق الذي يعتبر إستراتيجيا من الناحية التجارية والعسكرية.
وكانت المناورات الأولى هي التي جرت شمال شرق إسبانيا استهدفت أرخبيل الباليار وانطلقت أساسا من جزيرة مينوركا، وتغطي سبتمبر/ وأكتوبر، وهي مناورات تخص التنسيق بين وحدات بحرية لمختلف الدول من أجل الانتشار السريع في الجهة الشمالية لمدخل غرب البحر الأبيض المتوسط. وتتميز بأنها مناورات تقنية حول مستوى التواصل والانتقال، وشهدت مشاركة 800 جندي من قرابة عشر دول من الحلف. وتنتهي بنهاية الشهر الجاري.
وفي مناورات أخرى قريبة، جرت الثانية في مضيق جبل طارق وبالقرب من المنطقة المعروفة ببحر البران المقابل للشواطئ الشرقية المغربية من 7 إلى 18 أكتوبر الجاري، وشهدت مشاركة 32 سفينة حربية وغواصات و21 طائرة بينما تجاوز عدد الجنود 4500.
وشملت المناورات تمارين عسكرية مختلفة منها الحرب ضد الغواصات والهجمات بالطائرات والمواجهات بين السفن في مياه مضيق جبل طارق والمدخل الشرقي.
وهذه المناورات هي مقدمة بشأن إرساء قوات للحلف الأطلسي دائمة في المنطقة ابتداء من السنة المقبلة تسمى “قوة الحلف الأطلسي للتحرك السريع” للرد على التحدي العسكري والأزمات السياسية في دول جنوب القارة. وتأتي المناورات ضمن تطورات هامة تشهدها منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط وخاصة منطقة مضيق جبل طارق الهامة جدا للتجارة الدولية والنشاط العسكري الغربي.
ورفعت روسيا من اهتمامها بمضيق جبل طارق منذ نشر البنتاغون الدرع الصاروخي في قاعدة روتا بإقليم قادش جنوب غرب إسبانيا، حيث تتوفر روسيا على سفن حربية ترابط في المياه الدولية لمراقبة القاعدة. في الوقت ذاته، بدأت السفن العسكرية الصينية تزور المنطقة بانتظام لا سيما بعد المناورات العسكرية التي أجرتها مع روسيا بداية صيف السنة الماضية في هذه المنطقة.
وقبل المناورات الحالية، كان غرب البحر الأبيض المتوسط قد شهد خلال أبريل الماضي مناورات شاركت فيها حاملة الطائرات أبراهام لنكولن واستهدفت مياه فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وبعدها توجهت الحاملة إلى مياه الخليج العربي، حيث ترابط اليوم عند مدخل مضيق هرمز. كما جرت مناورات أخرى خلال فبراير الماضي في إيطاليا لمراقبة ومواجهة الغواصات الروسية.
ونظرا للتطورات والأزمات التي يشهدها البحر الأبيض المتوسط خلال السنوات الأخيرة، عادت الحرب الباردة بين روسيا والغرب إلى هذا البحر ويضاف إليه اهتمام الصين عسكريا به مؤخرا.