تعيش العلاقات المغربية-الجزائرية توترا جديدا نتيجة حادث حدودي بين البلدين نتج عنه إصابة مواطن مغربي بجروح بليغة، ثم ما ترتب عنه من قرار كل عاصمة استدعاء سفير البلد الاخر لتقديم الاحتجاج والتهديد برد قوي، وتولت الصحافة وسياسيون مهمة تبادل الاتهامات بشأن الدوافع الحقيقية وراء هذه الأزمة الجديدة.
وانفجرت الأزمة الجديدة بين البلدين يوم السبت الماضي في أعقاب فتح حرس الحدود الجزائري النار على مجموعة من المغاربة الذين كانوا بالقرب من الحدود شمال شرق مدينة وجدة. وترتب عن الاعتداء إصابة مغربي بجروح خطيرة في فكه. واعتبر المغرب الحادث اعتداء واضحا لا يحترم القوانين، كما أنه كان بنية القتل بحكم أن الرصاصة كانت مصوبة نحو الرأي.
واتخذ المغرب الإجراءات اللازمة من استدعاء للسفير الجزائري المعتمد في الرباط يومه السبت وتقديم احتجاج رسمي والمطالبة بتوضيحات عن هذا التصرف. وأعطى المغرب للحدث أهمية كبرى من خلال ندوة صحفية حضرها ثلاثة وزراء الداخلية محمد حصاد والخارجية صلاح الدين مزوار والاتصال مصطفى الخلفي.
وكالعادة، ردت الجزائر باستدعاء القائم بالأعمال في السفارة المغربية وقدمت له احتجاجا على ما اعتبرته تصرفا مغربيا غير لائق. وقدمت روايتها بأن الأمر يتعلق بحادث عادي يتجلى في فتح الحرس المدني النار في الهواء على مواطنين مغاربة كانوا يرشقونهم، واتهمت المغرب بممارسة الاستفزاز.
وتولى إعلام البلدين تقديم التأويلات أو الروايات التي تعتقد فيها كل دولة ولكنها لا تفصح عنها علانية للحفاظ على الحد الأدنى من اللياقة الدبلوماسية.
ففي الجانب المغربي، ذهبت التأويلات الى أن الجزائر ترغب في تصرف أزمتها السياسية التي تعيشها جراء احتجاج الشرطة وغياب الرئيس عبد العزبز بوتفليقة من هرم السلطة بسبب المرض باختلاق مشاكل مع المغرب “العدو الأبدي” في المخيلة الجزائري.
وفي الجانب الجزائري، ذهبت صحف مثل الشروق اليومي والخبر وخاصة قناة النهار في تأويل مفاده ممارسة المغرب الضغط على الجزائر لفتح الحدود البرية المغلقة منذ عشرين سنة، كما اتهمت المغاربة بحفر خنادق لتهريب المخدرات.
ومنذ سنة، تقريبا والعلاقات تسير على إيقاع أزمة تلوى الأخرى. وإذا كانت هذه التأويلات التي تذهب فيها صحافة البلدين وكذلك مجموعة من السياسين قد أصبحت روتينية وجزءا من طريقة رؤية الآخر، فالحادث الجديد يزيد من تأزيم العلاقات الثنائية ويجعل التقارب على المدى القريب عملية صعبة إن لم تكن مستحيلة.