وسط الصمت الذي تبديه الأحزاب السياسية بشأن الأحكام القاسية في حق نشطاء الريف والتي أيدت الابتداية وتراوحت ما بين 20 سنة الى بعض سنوات، اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان هذه الأحكام علامة قوية على خيار الدولة المغربية من أجل قمع كل الحركات التي تطالب بتحسين العيش والدفاع عن الكراكة.
وتبرز الجمعية في بيان لها، أنه في الوقت الذي كانت الأصوات الديمقراطية والضمائر الحية ببلادنا ،تنتظر انتصار قضاة غرفة الاستئناف بالدار البيضاء للعدالة ومنطق القانون، أبى القضاء المغربي، مرة أخرى، إلا أن يجاري خيار المقاربة الأمنية، ويقبل بتسخيره في مهمة الانتقام من نشطاء الحركات الاحتجاجية ببلادنا.
وأكدت الجمعية أن الأحكام الاستئنافية في حق العشرات من شباب الريف وجرادة، والصحفي حميد المهدوي وآخرين، تضرب عرض الحائط بكل الانتظارات، وتكشف أن القضاء لا يمكن أن يكون سلطة مستقلة، في خدمة العدالة وسيادة القانون، إلا في ظل الدولة الديمقراطية، ودولة الحق والقانون.
وأشارت الجمعية أنها تابعت سلسلة الجلسات الابتدائية، وسجلت خلالها غياب أدنى شروط المحاكمة العادلة، انطلاقا من فترة الاعتقال، مرورا بالاستنطاق والمناقشة، ثم النطق بالأحكام، وقد عبرت عن إدانتها الشديدة للأحكام الصادرة عنها، باعتبارها جائرة وانتقامية؛ لا يسعها اليوم إلا أن تجدد إدانتها القوية لها وهي تتثبّت استئنافيا، كونها كانت جاهزة، وتروم الانتقام من شباب عبّر بشكل سلمي وحضاري عن استياء منطقة الريف وكل فئات الشعب المغربي من الأوضاع المزرية للحقوق والحريات ببلادنا.
وأوضحت الجمعية أن القضاء لم يعمل سواء في الفترة الابتدائية أو أثناء مرحلة الاستئناف، على التعبير عن أدنى رغبة في البحث عن الحقيقة وإظهارها، والإنصات لصرخات دفاع المعتقلين والحركة الحقوقية؛ مما اضطر المعتقلين إلى رفض المثول في الجلسات الأخيرة، والطلب من دفاعهم التزام الصمت كوسيلة للاحتجاج على مجريات المحاكمة.
وبهذا تكون الدولة حسب الجمعية قد اختارت الاعتقال السياسي ومجاراة أصحاب خيار المقاربة الأمنية، كإجابة وحيدة عن المطالب المشروعة للحركات الاجتماعية وعموم الفئات المتضررة، وكوسيلة لإسكات الأصوات المعارضة والمنتقدة للسياسات العمومية.
وشددت الجمعية على أن الحل لمعالجة وضعية الغضب الشعبي المتسع يمر عبر الإنصات والاستجابة لمطالب الفئات والمناطق المحتجة، والعمل على توجيه السياسات العمومية في اتجاه توفير شروط وسبل العيش الكريم لكل المواطنين والمواطنات، والتزام الدولة باحترام تعهداتها الدولية والحق في التظاهر السلمي والتجمع وحرية الرأي والتعبير.
إضافة إلى احترام الحق في تأسيس الجمعيات والأحزاب والنقابات والانتماء لها، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ببلادنا، تأسيسا لبناء الديمقراطية الحقة الضامنة لحق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي.
العدل والإحسان تندد
- ومن جانبها، أصدرت جماعة العدل والإحسان، أمس الجمعة، بيانا شديد اللهجة، على إثر تأييد الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف، والصحفي حميد المهداوي، إذ وصفتها الجماعة بالقاسية.
وحمل الجماعة مسؤولية سوء تدبير الشأن العام بالريف إلى الدولة، نتيجة ما أسماه بـ”الفساد ونهب المال العام”، مما أدى إلى حرمان الساكنة من الخدمات الأساسية، و تفجير احتجاجات سلمية بالمنطقة.
وأدان البيان، الذي توصل به اليوم 24″ ” الخروقات والانتهاكات التي شابت الاعتقال وظروفه والمحاكمات، وعلى رأسها إبعاد المعتقلين من مقر سكن عائلاتهم وترحيل القضية إلى الدار البيضاء، مما زاد من معاناة أسر المعتقلين، وجعلها محاكمة سياسية مفتقرة إلى شروط المحاكمة العادلة”.
ودعت الجماعة في بيانها إلى “الكشف عن ملابسات التعذيب، والإهانات التي أكد المعتقلون أنهم تعرضوا لها، ومحاسبة المتورطين فيها، وكذا المتورطين في كل الانتهاكات والخروقات التي ارتبطت بحراك الريف، فجراح الريف عميقة وممتدة في تاريخ يجب القطع معه”. وأضافت الجماعة، أن هذه الأحكام الصادرة على المعتقلين “ستكون دفعة إضافية لتأجيج الغضب، بسبب فقدان الثقة في المؤسسات، وإضعاف مصداقية القضاء ونزاهته واستقلاليته، مطالبة بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين، مع جبر الضرر ورد الاعتبار لهم ولعائلاتهم”.
يشار إلى أن تأييد الأحكام الصادرة في حق معتقلي الحراك، والصحفي حميد المهداوي، خلقت تضامنا واسعا ، إذ وصفها حقوقيون وسياسيون بالأحكام القاسية في حق شباب طالبوا بحقوقهم المشروعة في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية.