نزلت الجماهير الجزائرية مجددا للتظاهر الجمعة من الأسبوع الجاري، مطالبة بوطن جديد تسوده الديمقراطية وخال من الفساد، ولم يؤثر فوز المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا للأمم على عزم وإرادة هذه الجماهير من أجل التغيير.
وهكذا، نزل مئات الآلاف من الجزائريين إلى الشارع في العاصمة ومدن أخرى من أجل مواصلة الحراك الشعبي الذي دخل جمعته الـ21، من أجل التأكيد على التمسك بالمطالب ذاتها، خاصة ما يتعلق بضرورة رحيل ما يسمى الباءات المتبقية أي رجال السلطة الذين عينهم الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، وفتح الطريق أمام حل سياسي للأزمة التي تعيشها البلاد، ينتهي بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، لاختيار رئيس يمثل الإرادة الشعبية، ويشرع في ورشات إصلاح ما أفسده بوتفليقة ومن والاه، وما أفسده النظام بشكل عام منذ الاستقلال.
وجاءت المظاهرات هذه الجمعة بطعم الاحتفال، خاصة بعد أن نجح المنتخب الجزائري لكرة القدم في العبور من السويس إلى الدور نصف النهائي من كأس أمم إفريقيا بعد تفوقه على فريق كوت ديفوار، كما أنها كانت فرصة للتأكيد على أن هذا الفوز لن ينسي الجزائريين حراكهم من أجل الحرية وبناء دولة ديمقراطية قوامها الحق والقانون.
وقال عدد من المتظاهرين إنهم فخورون وسعداء بالمنتخب الوطني الذي تأهل إلى الدور نصف النهائي من كأس أمم إفريقيا، لكن ذلك لن يؤدي إلى وقف الحراك، لأن المطالب التي أخرجت الجزائريين إلى الشارع منذ 22 فبراير/ شباط هي إسقاط وتغيير النظام الفاسد، وما دام هذا المطلب لم يتحقق بعد فإن الحراك متواصل، مع التأكيد على أن الذين عولوا على تخدير الشعب باستغلال كرة القدم والمنتخب الوطني واهمون.
وقال متظاهر آخر إن المنتخب الوطني لم يؤثر على الحراك، لكن الحراك أثر على المنتخب وألهمه الحماسة والحرارة في اللعب، إلى درجة أننا رأينا محاربين حقيقيين فوق أرضية الميدان، وأنه مهما كانت حماسة الشعب الجزائري في مساندة فريقه الوطني، إلا أنه لن يتخلى عن المطالب التي من أجلها نزل الشارع.
وانطلق الحراك الشعبي في الجزائر خلال فبراير الماضي، ونجح في دفع الجيش الى إقالة الرئيس بوتفليقة واعتقال عدد من الوزراء الفاسدين علاوة على شقيقه سعيد بوتفليقة. ويطالب الشغب بمجلس تأسيسي لتحقيق الانتقال الديمقراطي، بينما يرى الجيش ضرورة احترام الدستور عبر اختيار رئيس للبلاد يتولى لاحقا الإشراف على مسلسل الإصلاحات.
وتعتبر انتفاضة الجزائريين من أجل الديمقراطية رفقة انتفاضة الشعب السوداني بمثابة الموجة الثانية من الربيع العربي، وفق الكثير من التحاليل، وهي موجة تختلف عن سابقتها الأولى.