التقت المركبة الفضائية “روزيتا” أخيرا مع المذنب 67P/Churyumov-Gerasimenko بعد مطاردة دامت عشر سنوات، قطعت خلالها أكثر من 6 مليار ات كيلومتر ، لتصل إلى مسافة 100 كم عن المذنب.
بدأت روزيتا رحلتها في مارس/آذار 2004 ، بهدف إجراء دراسة تفصيلية للمذنب المتجمد الغازي67P/Churyumov-Gerasimenko، إلا أن مهمة المركبة واجهت مشكلة ضخمة منذ سنتين ونصف، حيث سافرت مبتعدة جدا عن الشمس، ما أدى لنفاذ طاقتها، لأنه لم يكن هناك ما يكفي من الضوء لتحوّله البطارية الشمسية العملاقة، التي يبلغ طولها 14 مترا، إلى طاقة.
وتوجهت المركبة نحو كوكب المشتري، لذلك قررت وكالة الفضاء الأوروبية إغلاقها من أجل الحفاظ على طاقتها.
بعدها فقدت المركبة روزيتا الاتصال مع الأرض لمدة 31 شهرا، إلا أنها عادت للحياة مرة أخرى يوم الاثنين 20 يناير/كانون الثاني عام 2014، عندما التقطت وكالة الفضاء الأوروبية إشارتها عن بُعد 807 ملايين كيلومترا عن الأرض.
أما عن المذنب، فهو يواصل طريقه مندفعا داخل المجموعة الشمسية بسرعة تقارب 55 ألف كيلومتر في الساعة، وكلما ازداد اقترابه من الشمس، كلما صار أكثر نشاطا، حيث يذوب الجليد على سطحه وتنبعث منه الغازات، التي ستجعل من الصعب على فريق العمل على الأرض الحفاظ على اتصال المركبة به.
وبلحاق روزيتا بالمذنب تعتبر بذلك أول مركبة أوروبية تزور مذنبا في التاريخ، بينما كانت المركبة “ساكي جاك – Sakigake”، التي أطلقتها اليابان عام 1985، الأولى في التاريخ على الإطلاق، التي تحقق ذلك، عندما زارت مذنب هالي عام 1986.
واليوم روزيتا على بعد 100 كم عن سطح المذنب بعد أن قطعت مسافة تقارب 6.5 مليار كيلومتر خلال السنوات العشر الماضية، لكنها ستواصل الاقتراب منه، وخلال الأسابيع الستة المقبلة، ستأخذ المركبة اثنين من المسارات مثلثة الشكل حول المذنب، الأول على مسافة 100 كم، والثاني على مسافة 50 كم.
وفي الوقت نفسه، فإن أكثر من مجموعة من الأدوات ستستخدم لتقديم دراسة علمية مفصلة عن المذنب، منها مسح سطح المذنب لإيجاد موقع مناسب لهبوط المسبار Philae.
بعدها ستحاول المركبة الدوران في مدار شبه دائري حول المذنب على بعد 30 كيلومترا، اعتمادا على نشاط المذنب، وربما يكون المدار أقرب من تلك المسافة لجسم المذنب.
ويقول سيلفان لوديوت مديرعمليات المركبة الفضائية في وكالة الفضاء الأوروبية:
“وصول المذنب هو حقا مجرد بداية للمغامرة الكبرى، ستكون هناك تحديات أكبر، ونحن نتعلم كيفية العمل في هذه البيئة العشوائية، حيث سنبدأ بالمدار وفي النهاية الهبوط على السطح”
وسيتم تحديد ما يصل إلى خمسة مواقع هبوط محتملة في مدة أقصاها أواخر شهر أغسطس/آب، قبل أن يتم تحديد الموقع الرئيسي في منتصف سبتمبر/أيلول.
الجدول الزمني النهائي لتسلسل الأحداث بما يتضمن هبوط المسبار على سطح المذنب سيتم تأكيده في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول.
بعد الهبوط، ستواصل روزيتا مرافقة المذنب حتى أقرب نقطة ممكنة من الشمس، والمتوقع وصول المذنب إليها في شهر أغسطس/آب عام 2015 بعد ذلك ستتم مراقبة سلوك المذنب من أماكن قريبة، ما سيقدم فكرة وتجربة فريدة من نوعها لكيفية عمل مذنب في دورانه حول الشمس.
واليوم مع اقتراب المركبة روزيتا من المذنب 67P/Churyumov-Gerasimenko بطريقة لم تحدث من قبل، التقطت صورا كشفت أنه ليس بيضوي الشكل، كما كان يعتقد علماء الفلك من قبل، لكن شكله يشبه كرة القدم الأمريكية، ويضم جزأين متصلين بواسطة عنق، يشبه طائر البط.
الجدول الزمني لمهمة المركبة روزيتا
2 مارس/آذار 2004: الإقلاع من وكالة الفضاء الأوروبي (ESA) ، من منصة الإطلاق في غويانا الفرنسية بواسطة الصاروخ آريان 5.
مارس/آذار 2005: أصبحت روزيتا في مواجهة كوكب الأرض، واستخدمت جاذبية الأرض بمثابة قوة دافعة لزيادة السرعة.
فبراير/شباط 2007: الدوران حول المريخ على بعد يزيد قليلا عن 200 كيلومتر بمساعدة الجاذبية.
نوفمبر/تشرين الثاني 2007: التحليق ثانية حول الأرض.
سبتمبر/أيلول 2008: روزيتا تقترب من الكويكب 2,867 Steins، على مسافة حوالي 800 كيلومتر.
نوفمبر/تشرين الثاني 2009: التحليق الثالث حول الأرض، والمركبة تصل سرعتها القصوى مع الطيران خلال حزام من الكويكبات.
يونيو/حزيران 2011 – 20 يناير/كانون الثاني 2014: روزيتا تصل إلى أقصى مسافة بعيدا عن الشمس (800 مليون كيلومتر) ومليار كيلومتر عن وطنها الأرض، ووضعت المركبة في وضع السُبات للحفاظ على الطاقة.
يناير/كانون الثاني – مايو/أيار 2014: روزيتا تحصل على جرس إنذار لإنهاء سباتها الطويل، وتطلق المحركات الدافعة تدريجيا للاقتراب من المذنب.
6 أغسطس/آب 2014: روزيتا تصل إلى المذنب و تبدأ برسم مدارات مثلثة حوله على ارتفاع 100 كيلومتر، وعلى مدى الأشهر الثلاثة المقبلة، ستقوم بمسح سطح المذنب بواسطة 11 كاميرا موجودة على متن المركبة، وبالرادار، والموجات الميكروية، والأشعة تحت الحمراء وأجهزة استشعار أخرى.
11 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 (المقرر): روزيتا ستُنزل المسبار Philae الذي يزن 100 كيلوغرام، ومجهز بـ 10 أجهزة، وسيتم إطلاقه من المركبة على ارتفاع حوالي 1 كيلومتر، ليلمس سطح المذنب بسرعة السير العادية، بعدها يطلق قوائمه لتثبيت نفسه، ثم يبدأ بإرسال الصور وإجراء التجارب الكيميائية على عينات الصخور.
نوفمبر/تشرين الثاني 2014 – 2015: المذنب يدور حول الشمس مقتربا منها، حتى يوم 13 أغسطس/آب 2015 ليصبح على بعد 186 مليون كيلومتر عن الشمس.
ديسمبر/كانون الأول 2015: النهاية المقررة للبعثة، مع خروج المذنب من قلب النظام الشمسي بمرافقة كل من روزيتا والمسبار Philae، وعند هذه النقطة، ستقترب روزيتا مرة أخرى من مدار الأرض، بعد مرور أكثر من 4000 يوم على بدء هذه الملحمة الفضائية التاريخية.
ملخص لمهمات دراسة المذنبات
مشروع روزيتا هو الأحدث في سلسلة لقاءات المركبات الفضائية بالمذنبات، وقبلها كانت مركبة وكالة الفضاء الأوروبية “جيوتو”، التي مرت عام 1986 على بعد 600 كيلومتر فقط عن المذنب الأكثر شهرة “هالي”، ولكن للأسف، الصور المرسلة من “جيوتو” لم تكن على المستوى المطلوب.
وشهدت السنوات الفاصلة بينهما مزيدا من البعثات مع صور أفضل بكثير، وفي عام 2006 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” مسبار “ستار داست”، الذي جلب بعض العينات من غبار المذنبات إلى الأرض.
لكن اهتمام العلماء يجعلهم دائما بحاجة لمزيد من التفاصيل والصور أو حتى الغبار.
ولذلك، في عام 2005، أرسلت ناسا مركبة “ديب إمباكت” التي أطلقت المسبار ” impactor” البالغ وزنه 370 كيلوغراما، والذي نجح في مهمة الالتحاق بالمذنب Comet 9P/Temple 1، واستطاع المسبار اكتشاف سطحه وحفر حفرة فيه، بعدها قامت ناسا بإعادة توجيه “ستار داست” لإلقاء نظرة على الحفرة التي حفرها “impactor” .
وقد أظهرت جميع هذه البعثات أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه من المذنبات وعنها، على عكس ما كان يعتقد “فريد ويبل” عالم الفلك في جامعة هارفارد عام 1950 على أنها “كرات ثلج قذرة”.
الجدير بالذكر أن اهتمام العلماء بالمذنبات يتزايد، حيث لا تزال نظرية حصول الأرض في وقت مبكر على مياهها من جليد المذنبات تلاقي رواجا بين العلماء، ويعتقد بعض الباحثين أن المذنبات أيضا جلبت المكونات الكيميائية للحياة على الأرض.
التفاصيل الكاملة للملحمة الفضائية.. مركبة روزيتا تلتقي بمذنبها بعد مطاردة فضائية لعشر سنوات
صورة ترمز الى اقتراب المحطة الفضائية من المذنب