يسيطر قلق كبير على صناع القرار في الغرب من الانعكاسات الخطيرة لحرب اليمن على استقرار العائلة الملكية السعودية بعد الفشل الذريع وانعكاس ذلك على نفسية القوات العسكرية والرأي العام في هذا البلد العربي، وذلك خوفا من انهيار الحكم على شاكلة ما كان سيحدث بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول، حين تدخلت الولايات المتحدة في العراق لجعله منصة للبترول لصالحها في حالة انهيار السعودية. وهي من الروايات غير المعروفة للرأي العام الدولي وموجودة في الوثائق الاستخباراتية الفرنسية.
وأرسلت الولايات المتحدة وحدات عسكرية إلى السعودية أغلبها من الخبراء في اعتراض الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة، وهذه ليست المرة الأولى التي ترسل فيها الولايات المتحدة قوات للممكلة. فقد كانت المرة الأولى خلال منتصف العام الماضي عندما قرر البنتاغون إرسال القبعات الخضر إلى الحدود اليمينة السعودية لرصد الصواريخ الباليستية في الميدان. وبعد الفشل، جرى خلال، الشهر الماضي، إرسال قوات أخرى.
وعكس ما يتم الترويج له، فإن إرسال القوات للمرة الثانية لا يستهدف الدفاع عن السعودية في وجه إيران لأن مجموعة لا تتعدى الخمسين أو المئة لا يمكنها مواجهة قوة إقليمية. وهي مخصصة للمساعدة في اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة التي يستعملها الحوثيون، وبالتالي يشرف هؤلاء الخبراء على تسيير تشغيل الرادارات وتوجيه الصواريخ لاعتراض الصواريخ الحوثية. وتأتي العملية بعد إعلان الحوثيين استهداف 300 هدف خلال الأسابيع المقبلة.
وينتهج الحوثيون تكتيكا مرعبا للسعوديين، وهو التكثيف من الهجمات وجعلها قاتلة كل مرة في ضرب أهداف مختارة واستراتيجية، ما جعل الجيش السعودي الذي يمتلك خامس أو سادس ميزانية دفاع في العالم عاجزا عن حماية الأمن القومي للبلاد أمام مجموعة من المسلحين المغامرين. ويسود الاعتقاد أن الحوثيين قد يرفعون من إيقاع فعالية الهجمات لشل بعض المطارات وبعض القطاعات. ويعد ضرب مدينة الدمام، مقر أرامكو النفطية، الإنذار المبكر لما قد يأتي خلال الأسابيع المقبلة.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها “القدس العربي” من مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع، فإن هناك تخوفا غربيا من القلق الذي يسود الرأي العام السعودي جراء فشل السلطات السعودية في القضاء على الحوثيين، فكيف سيكون وضعهم أمام حرب في مواجهة إيران ذات القوة الإقليمية الكبيرة! لاسيما وأن طهرن تمارس حربا نفسية خطيرة على الرياض.
وفي ظل التطورات التي يشهدها العالم العربي، لا أحد يدرك كيف قد تتطور الأمور في السعودية كرد فعل من القوات المسلحة ومن طرف الرأي العام السعودي لاسيما بعدما أصبحت المملكة دولة “شبه مارقة” أمام المجتمع الدولي جراء حرب اليمن واغتيال الصحافي جمال خاشقجي، وانهيار الاقتصاد بسبب مغامرات ولي العهد محمد بن سلمان. كما أن من العوامل التي تزيد في قلق السعوديين هو قرار الإمارات الانسحاب من الحرب في اليمن دون تشاور مسبق مع الرياض، وهذا يعني إدراك الإماراتيين “عدم ربح الحرب”.
وإذا لم تخرج السعودية منتصرة في هذه الحرب، ستفقد كل ثقلها الديني والسياسي في العالم العربي والإسلامي وستقدم تنازلات للحوثيين و”لن ترفع رأسها أمام الإيرانيين الذين سيصبحون أسياد المنطقة رفقة الأتراك”، وفق مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى عمل سابقا في المملكة العربية السعودية.
ويبدو أن ما يحدث الآن في السعودية من تساؤلات شبيهة بما حدث أوائل العقد الماضي بعد تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول. وكان أحد مسؤولي الاستخبارات الفرنسية والذي تولى منصب “شعبة التجسس الاقتصادي”، آلان جويي، وعمل الى جانب رؤساء حكومات في باريس، قد كشف في برنامج “تينك فييو” الفرنسي منذ سنة عن معطيات خطيرة لم ينبته لها سوى قلة. يقول جويي إن الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003 جاءت بعدما خلصت الاستخبارات الأمريكية الى احتمال انهيار آل سعود وفقدان النفط السعودي، وبالتالي جرى غزو العراق ليكون منصة نفطية بديلة للسعودية في حالة وقوع الأسوأ. ويسخر آلان جويي من وسائل الاعلام قائلا “الحقيقة كانت في جهة أخرى وهم أنجروا إلى جهة أخرى بسبب التلاعب بهم بل ويستمر جزء كبير من الرأي العام الأمريكي في الوثوق بالرواية السابقة”.