قررت الاشتراكية الأممية إرسال بعثة لتقصي الحقائق الى منطقة الصحراء في اجتماعها في جنيف خلال نهاية الأسبوع الماضي. وتحولت الأحزاب الاشتراكية ومنها الأوروبية الى الداعم الأساسي لجبهة البوليساريو وخاصة فيما يخص مقترحات الاعتراف بها كدولة في برلمانات أوروبا وأمريكا اللاتينية.
وجرى اجتماع الاشتراكية الأممية في مقر الأمم المتحدة في جنيف تحت عنوان “السلام والأمن الدولي”، وشهدت مشاركة عدد من الأسماء منها مايكل مولير المدير العام للأمم المتحدة في جنيف وأنتونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين علاوة على رئيس الاشتراكية الأممية جورج بباندريوس. وشارك عن الجانب المغربي الحبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية لحزب الاتحاد الاشتراكي المغربي.
وحضر ملف الصحراء المغربية في أجندة اللقاء بسبب البوليساريو والأحزاب المؤيدة له، بعدما تمكنت الجبهة من الانضمام الى الاشتراكية الأممية بصفة ملاحظ سنة 2008، ولكنها لم تحصل على العضوية الكاملة لأن هذه الأخيرة تمنح فقط لأحزاب تابعة لدول وليس فقط حركات سياسية.
وكان انضمام البوليساريو بصف ملاحظ في مؤتمر أثينا اليونانية قد شكل منعطفا في هذا الملف وسط الاشتراكية الأممية ولاحقا في المنتديات الدولية، إذ عارض الانضمام الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من المغرب بينما حصل على مساندة باقي الأحزاب أو التي امتنعت مع تأييد تقرير المصير. ويعتبر الحاضن الرئيسي للبوليساريو في الأممية الاشتراكية رئيس حكومة السويد سابقا، أولف بالم، حيث كان وراء دعم تقرير المصير سنة 1977 في اجتماع في مدريد.
ومنذ ذلك التاريخ، أقدمت أحزاب اشتراكية في العالم على تقديم مقترحات للاعتراف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وهو ما يترجم حاليا في اعترافات برلمانات مثل إيطاليا والبرازيل والتشيلي والسويد ومبادرات أخرى منها الحزب الاشتراكي النمساوي الأسبوع الماضي لتحقيق الاعتراف نفسه.
وخلال لقاء جنيف الأخير، انتهت الاشتراكية الأممية الى إرسال لجنة تقصي بعد الاجتماع المرتقب للجنة البحر الأبيض المتوسط خلال فبراير المقبل. وقال الحبيب المالكي، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المقاربة المتمثلة في إرسال لجنة تعتبر مثالية لأنها ستمكن من الاستماع الى السكان في الصحراء.
ولكنه على ضوء المواقف التي تتخذها الاشتراكية الأممية في نزاع الصحراء، لا يمكن مسبقا انتظار نتائج إيجابية تصب في مصلحة المغرب خاصة في ملف حقوق الإنسان، خاصة وأن الاشتراكية الأممية في مؤتمراتها الرئيسية مثل كاب تاون 2012 تؤيد تقرير المصير ولا تذكر الحكم الذاتي. في الوقت ذاته، ستأتي لجنة التقصي شهرين قبل معالجة مجلس الأمن الدولي خلال أبريل المقبل لملف نزاع الصحراء.
ومن الأسباب التي جعلت جبهة البوليساريو تتقدم وسط الأممية الاشتراكية، تقزيم الدولة المغربية لدور الأحزاب دبلوماسيا في الساحة الدولية، وتزامن هذا مع المشاكل التي يشهدها حزب الاتحاد الاشتراكي منذ قرابة عشر سنوات، الأمر الذي جعله يفقد الكثير من التأثير وسط هذا المنتدى الاشتراكي الدولي.