تشهد العلاقات بين المغرب ومؤسسات الاتحاد الأوروبي وخاصة البرلمان تدهورا جديدا بعد الإشارة الى فرضية تورط الرباط في التجسس على مسؤولين من ضمنهم رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز والمطالبة بإسناد التحقيق للشرطة الأوروبية “يوروبول”.
وقدمت “لجنة بيغاسوس للبرلمان الأوروبي” الاثنين من الأسبوع الجاري تقريرها الذي حظي بمصادقة 30 صوتا ومعارضة ثلاثة وامتناع أربعة عن التصويت. وكان أعضاء التقرير قد انتقلوا بين عدد من الدول للإستماع الى المسؤولين. ويعالج التقرير مختلف الجوانب المتعلقة بتجسس دول على أخرى أو على مواطنيها. وكان التقرير شديد اللهجة ضد كل من بولندا وهنغاريا لتجسسهما على المعارضة بشكل يتنافى ومبادئ الاتحاد الأوروبي والديمقراطية. وتناول كذلك تجسس الاستخبارات الإسبانية على نشطاء كتالونيا، حيث اعترف التقرير للدولة الإسبانية بحق التجسس لحماية وحدتها الترابية من المخاطر لكن شريطة أن يتم كل شيء في إطار القانون وتحت مراقبة القضاء.
وخصص التقرير حيزا للمغرب، حيث أشار الى فرضية تورط هذا البلد في عمليات التنصت الاستخباراتي على هواتف المسؤولين الإسبان وعلى رأسهم رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع ثم وزير الداخلية ضمن آخرين. وطالب التقرير من حكومة مدريد توضيحات وتعاونا في هذا الملف. في الوقت ذاته، طالب تقرير اللجنة الأوروبية بضرورة مزيد من التحقيق في ملف التجسس، ويطرح إمكانية تولي “الشرطة الأوروبية” التحقيق في هذا الملف بحكم أن المستهدفين ينتمون الى عدد من الدول مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وشدد الحزب الشعبي المعارض في إسبانيا على وضوح التقرير في الإشارة الى عدم تعاون حكومة مدريد في ملف التجسس، وهذا يعني عدم دفاعها عن الأمن القومي الإسباني. وطالب رفقة أحزاب أخرى بضرورة التحرك في هذا الشأن. وتروج المعارضة “فرضية تجسس المغرب على جوانب خاصة من حياة رئيس الحكومة سانشيز وأنه خضع للابتزاز من طرف الرباط، وبالتالي قام بتغيير موقفه من الصحراء بدعم الحكم الذاتي بدل تقرير المصير”. غير أن حكومة مدريد تذهب في اتجاه آخر، وتفسر سياستها الحالية بتولي القضاء الإسباني التحقيق في عملية التجسس التي تعرض لها رئيس الحكومة ووزراء، ولا تريد التشويش السياسي على عمل المحكمة. وتتولى المحكمة الوطنية في مدريد التحقيق في هذا الملف، وطلب قاضي التحقيق الذي يتولى الملف استنطاق مدير شركة “إن إس أو” المنتجة لبرنامج بيغاسوس ولم تتلق جوابا حتى الآن. ووجه القضاء الإسباني طلبين إلى إسرائيل، واحد السنة الماضية والآخر منذ أسابيع قليلة.
ومن شأن هذا التقرير التأثير سلبا على العلاقات بين المغرب ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، حيث ساءت العلاقة عندما صوت البرلمان الأوروبي يوم 19 أبريل الماضي على إدانة المغرب في ملف حقوق الإنسان وخاصة الصحفيين، وقد يتوجه الآن إلى إدانة المغرب في ملف التجسس بواسطة بيغاسوس. وينتقد المغرب مثل هذه التقارير، ويؤكد غياب أدلى تدينه مباشرة.
وانفجر ملف بيغاسوس خلال الأربع سنوات الأخيرة، وكانت المرحلة الأولى سنة 2019، عندما أبلغت شركة واتساب عدد من الصحفيين والحقوقيين بتعرض هواتفهم للتجسس، ثم سنة 2021 عندما تبين التجسس على أكثر من 50 ألف هاتف من ضمنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وجرى اتهام عدد من الدول باستعمال هذا البرنامج مثل المغرب والإمارات العربية وبولندا والمكسيك والهند, وصنفت واشنطن شركة “إن إس أو” في القائمة السوداء لأن هذا البرنامج يهدد العلاقات الدولية.