تجري اليوم الأحد انتخابات تشريعية خاصة بالحكم الذاتي في منطقة الأندلس جنوب اسبانيا، ورغم أنها تخص إقليما واحدا إلا أن انعكاساتها كبيرة للغاية، فقد تشكل اقتحام اليمين القومي المتطرف برلمان الأندلس، ومعه قد يكون مقدمة الى اقتحام البرلمان الوطني في انتخابات تشريعية سابقة لأوانها تلوح في الأفق.
ويحكم الحزب الاشتراكي في إقليم الأندلس منذ قرابة أربعين سنة، تاريخ بدء الانتخابات الخاصة بالحكم الذاتي في اسبانيا بعد الانتقال الديمقراطي، وهي المنطقة الوحيدة التي لم تعرف نهائيا تداول السلطة بين الأحزاب. واضطرت رئيسة الحكومة المحلية سوزانا دياث الى إجراء انتخابات سابقة لأوانها. وتشير استطلاعات الرأي الى فوز الحزب الاشتراكي مجددا، ولكن بدون أغلبية مطلقة، وسيحتاج الى قوة سياسية أخرى توفر له الأغلبية في البرلمان. وسيحتل الحزب الشعبي المحافظ المركز الثاني، ويليه حزب بوديموس اليساري ثم حزب اسيودادانوس الليبرالي.
ويوجد ترقب كبير لهذه الانتخابات التشريعية، حيث يشارك حزب فوكس، وهو حزب يميني قومي متطرف، لديه حظوظ لأول مرة للحصول على بعض المقاعد ما بين مقعدين الى خمسة، وبهذا سيكون أول حزب من هذا التيار الذي ينتعش في أوروبا سيدخل الى المؤسسات التشريعية في اسبانيا.
وفي حالة نجاحه في الدخول الى برلمان الأندلس، قد يشهد قفزة على مستوى اسبانيا، وسيكون التدشين الرسمي للفكر اليميني المتطرف في المؤسسات، وفق المراقبين. ووجد انتعاشا في الأندلس بسبب خطابه المناهض للمهاجرين بشكل كبير، لاسيما وأن هذه الانتخابات الأندلسية تزامنت وأعلى نسبة من وصول المهاجرين القادمين من المغرب ونسبيا من شواطئ الجزائر الى اسبانيا وبالضبط الى شواطئ الأندلس. وسجلت سنة 2018 أعلى نسبة من المهاجرين في تاريخ الهجرة السرية، حيث تقترب من 60 ألف مهاجر جرى اعتراضهم في مياه المتوسط، كما وصل عدد الغرقى والمفقودين المئات. وخلال هذه الحملة الانتخابية، قام هذا الحزب بتنظيم زيارة الى الحدود بين المغرب ومليلية المحتلة لعدد من نواب الأحزاب الأوروبية المتطرفة اليمينية للمطالبة بتشديد الحراسة وتكليف القوات الخاصة التي هي كوماندوهات لحراسة هذه الحدود.
ويوجد قلق وسط الجالية المغربية الأكبر عددا في هذه المنطقة من احتمال تحالف بين الحزب الشعبي المحافظ وحزب اسيودادانوس وربما بدعم من حزب فوكس المتطرف لرئاسة حكومة الأندلس واستبعاد اليسار من الحكم.
ويعيش أكثر من 120 ألف مغربي في إقليم الأندلس، وقرابة الربع منهم يتوفرون على الجنسية المغربية، مما يجعل أصواتهم ذات وزن متوسط باستثناء في بعض المناطق مثل إقليم ألمرية شرق الأندلس، الذي بها كثافة سكانية مغربية كبيرة. وانتخابيا، يميل أغلب المغاربة الذين استشارتهم جريدة القدس العربي للتصويت على حزب بوديموس في المرتبة الأولى ثم الحزب الاشتراكي في المركز الثاني. ويتبنى الحزبان وخاصة الأول سياسة برغماتية تجاه الهجرة باعتباره المهاجرين ولو في حالة غير قانونية مواطنين يجب تمتعهم بكل الحقوق التي يكفلها الدستور لكل المواطنين.