اعتبر الأمير هشام ابن عم الملك المغرب ضرورة بحث اسبانيا والمغرب ملف سبتة ومليلية ولو تطلب الأمر 150 سنة المقبلة، وجاء هذا التصريح في حوار مع جريدة الباييس الإسبانية بمناسبة نزول النسخة الإسبانية من “يوميات أمير منفي” عن أكبر دار نشر في اسبانيا “بلانيتا” والتي أضاف لها فصلا خاصا بالعلاقات المغربية-الإسبانية، مؤكدا أنها تبقى دون العلاقات بين الرباط وباريس.
ويؤكد في التقديم تجاهل النخبة المغربية لإسبانيا لسنوات طويلة بعد وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو وبدء الانتقال الديمقراطي سنة 1975 بسبب ضعف الاقتصاد الإسباني وقتها وبسبب المشاكل التي هيمنت على العلاقات الثنائية مدة طويلة. وينتقد غياب الوعي المغربي لمدة طويلة بإسبانيا كبوابة لأوروبا وأمريكا اللاتينية.
ويجعل نقطة الانطلاق الاهتمام المغربي بإسبانيا سنة 1981 عندما نجح الملك خوان كارلوس في تجاوز الانقلاب العسكري الفاشل، وقتها اقتنع الملك الحسن الثاني أن الملكية لها مستقبل في جارته الشمالية. ويتجلى السبب الثاني في أوائل التسعينات عندما وقعت أزمة سياسية شائكة بين الرباط وباريس بسبب صدور كتاب “صديقنا الملك” لجيل بيرو حول الراحل الحسن الثاني، هذا الأخير الذي انفتح على اسبانيا. وكان الحسن الثاني قد استغل الانتقال الديمقراطي في اسبانيا ليقنع المغاربة بأنه سيعمل مستقلا على ملكية مغربية على المنوال الإسباني. ولكن هذا الحلم تبخر تدريجيا بعد وفاته والعراقيل التي واجهت ما يصطلح عليه التناوب السياسي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي.
ويعالج أجندة المشاكل بين البلدين التي أثرت على التعاون الثنائي خاصة إبان حكومة المحافظ خوسي ماريا أثنار بسبب اتفاقية الصيد البحري سنة 2001 ومشكلة جزيرة ثورة سنة 2002 علاوة على التعاطف الكبير للإسبان مع موقف جبهة البوليساريو في نزاع الصحراء الغربية، وهنا ينتقد دبلوماسية المغرب التي فشلت في التعريف بوجهة نظرها في هذا البلد الأوروبي.
ويراهن على تطور ملحوظ للعلاقات بفضل التبادل التجاري والاقتصادي بعدما تحولت اسبانيا الى الشريك التجاري الأول للمغرب بدل فرنسا لكن ليس في مجال الاستثمارات الفرنسية رغم الأزمات بينما العلاقات بين الرباط ومدريد مازالت تبحث عن بوصلة قوية لضمان مسيرتها.
واهتمت وسائل الاعلام الإسبانية بالنسخة الإسبانية، وتناولته وكالة أوروبا برس بمقال مطول وكذلك وكالة إيفي، وخصصت له جريدة الباييس صفحة كاملة في حوار أجراه معه الصحفي خوان كارلوس سالنس مؤكدا أن أجوبته جاءت في إطار يجمع “ما بين المثقف الفرنسي الذي يستعمل كلمات متعددة لتحديد فكرة معينة والدقة الباردة للأكاديمي الأمريكي ونوع من السخرية الإسبانية وبالكبرياء الذي يميز المغاربيين”.
والى جانب الاهتمام بالوضع السياسي في المغرب وأساسا المؤسسة الملكية، حيث سبق للأمير أن أثار جدلا واسعا عند صدور الكتاب في فرنسا خلال أبريل الماضي، مبرزا فقدان المغرب والملكية قطار الديمقراطية، وقع التركيز في الحوار على الملفات الشائكة في العلاقات بين مدريد والرباط.
وفي رده على سؤال حول الملف الاستعماري سبتة ومليلية ، يقول الأمير “المغرب يلتزم صمتا الآن حول موضوع سبتة ومليلية الذي يعطي الانطباع بأنه تخلى عن المطالبة بسيادتهما حتى لا يثير غضب اسبانيا، لكن يجب استحضار الملف عبر الوطنية البرغماتية. وسنجد حلا، مهما الوقت الذي سيتطلب، يجب المطالبة بهدوء بالمدينتين اللتين تحت الإدارة الإسبانية. وفي إطار حل النزاعات التي بين بلدينا، ستظهر صيغة الحل عبر الحوار ولو تطلب الأمر مائة أو مائة وخمسين سنة”.
وفي ملف الصحراء الlغربية الشائك بسبب دعم المجتمع الإسباني للبوليساريو، تؤكد الباييس أنه يدافع عن الحكم الذاتي حلا للنزاع ولكن في إطار القرارات الدولية ومع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات ساكنة الصحراء.