افتتاحية: هل ستتحدى النيابة العامة والقضاء المعطيات العلمية في حالة هاجر الريسوني؟

الصحفية هاجر الريسوني

تتوفر الدول على ترسانة قانونية قد تشترك في الكثير من القواسم بحكم انتماء هذه الدول الى المنتظم الدولي وقد تختلف في التأويل، ولكنها لا تختلف عندما تصبح المعرفة العلمية هي المحدد في قضية ما، كما يحدث الآن في قضية الصحفية المغربية هاجر الريسوني التي جرى اعتقالها رفقة آخرين في ملف سيدخل تاريخ القضاء من بابه الواسع.

ورغم الاختلاف بين الدول الديمقراطية والدول الدكتاتورية في مستوى الحريات، تعتبر المنظومة القانونية متقاربة، ويكون الاختلاف أساسا في التأويل ومدى استقلالية القضاء ووعي القاضي وضميره. ونعيش في المغرب حالات مثيرة  ستدخل التاريخ القضائي ومنها الحكم على شخص سرق حذاء رخيص مصنوع من “الميكا” السجن سنة كاملة بينما البلاد غارقة في فضائح الفساد ومنها تقرير مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات دون تحرك النيابة العامة، هذه الأخيرة التي التزمت الصمت في حالة حسابات بنما.

ومن ضمن القضايا المثيرة هو حرمان الصحفي توفيق بوعشرين من الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المشروعة ومنها الامتناع عن استدعاء الشهود وإحضار هاتفه، ثم فضيحة القرن المتمثلة في اتهام الصحفي حميد المهداوي بالتستر على إدخال دبابات روسية الى المغرب.

والآن يوجد القضاء المغربي أمام امتحان صعب في ملف الصحفية هاجر الريسوني والحقوقي السوداني رفعت والطبيب بلقزيز المتهم بالإجهاض. فقد اتهمت تقارير الشرطة والنيابة العامة الطبيب بممارسة الإجهاض، وجرى إخضاع الريسوني قسرا لعملية فحص تعتبر بمثابة تعذيب. وكانت المفاجأة هي قيام محامية الطبيب مريم مولاي رشيد بتقديم معطيات علمية الى المحكمة تؤكد استحالة واستحالة ثم واستحالة حدوث عملية الإجهاض.

وتقول المحامية، وفق وسائل إعلام مغربية ومنها الأول، أن شهادة الطبيب الذي لجأت إليه الشرطة والنيابة العامة تبرز أن نسبة الهرمونات “BTHCG” المسجلة في دم هاجر لحظة عرضها عليه هي 13585.9، مؤكدةً أنه منح بذلك لكل من الطبيب وباقي المتهمين دليل براءتهم من حيث لا يدري.

وتابعت مستندة الى المعطيات العلمية بأن معطيات من منظمة الصحة العالمية تؤكد أن نسب ارتفاع الهرمونات المذكورة في دم إمرأة حامل في الأسبوع الثامن (حسب الشرطة) تكون في أعلى نسبها من باقي فترات الحمل طيلة التسعة أشهر والعادي هي نسبة 90 ألف، أما الحد الأدنى فهو 30 ألف، بينما المسجل عند هاجر 13585.9 ألف، وبالتالي فإنها لحظة كانت في العيادة لم تكن حاملاً لأن هذه النسبة جد متدنية، ومنه فإن الطبيب لم يقم بالإجهاض.

لقد ذهبت محاضر الشرطة والنيابة العامة الى تأكيد الإجهاض وشنت بعض وسائل الاعلام حملة تشنيع ومحاكمة موازية لهاجر الريسوني، والآن يأتي العلم ليدحض النيابة العامة والشرطة وصحافة التشهير. لا يمكن للنيابة العامة تحدي العلم، ولا يمكن للقضاء إغفال هذا الاعتداء الصارخ سوى في حالة تطبيق منطق “اللامنطق”، وهو أمر ليس بالغريب على بلد من شعاراته “إذا كنت في المغرب فلا تستغرب”.

 

Sign In

Reset Your Password