كشف تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن ربع المغاربة يرغبون في الهجرة وترتفع هذه النسبة الى مستويات كبيرة في صفوف الشباب. ونسبة الربع يعني أنهم يتجاوزون عدد ساكنة المغرب إبان الحصول على الاستقلال، وهو مصدر للتأمل والقلق حول الأسباب.
وكانت تقارير سابقة قد كشفت عن نسبة أعلى من تقرير أو دراسة المندوبية السامية للتخطيط عندما تحدث عما يفوق الثلثي وأكثر من النصف في صفوف الشباب. واقتصارا على المندوبية السامية، تعني هذه النسبة أن قرابة نسبة ملايين مغربي يرغبون في الهجرة من البلاد.
والهجرة هي ظاهرة عبر التاريخ ووسط كل الشعوب، لكن في حالة المغرب ارتفعت بشكل مثير للغاية خلال العقدين الأخيرين. ويراهن المغاربة بشكل مستمر على الهجرة عبر الطرق القانونية مثل الحصول على تأشيرة الإقامة أو الزواج وعبر طرق أخرى غير مناسبة مثل قوارب الهجرة عبر مختلف نقط شواطئ البحر الأبيض المتوسط من المغرب حتى ليبيا وكذلك عبر المحيط الأطلسي نحو جزر الخالدات.
وتقف عدد من العوامل وراء الرغبة في الهجرة الى الدول الأوروبية والمشرق وأمريكا الشمالية بل نحو دول إفريقية مثل جنوب إفريقيا ومؤخرا ساحل العاج والسنغال. وعلى رأس العوامل غياب الأمل في الحياة الكريمة في المغرب بسبب غياب فرص الشغل، عدم توفر الدولة على أي مشروع تنموي حقيقي باستثناء مشاريع الفوتوشوب التي أسفرت عن نتائج هزيلة وشكلت فرصة لإهدار أموال الشعب المغربي بدون رقيب. في الوقت ذاته، فقدان الأمل في الإصلاح السياسي والاقتصادي نتيجة هيمنة أخطبوط الفساد على الدولة. عموما، نسبة الهجرة المرتفعة يؤكد فشل الدولة المغربية في بلورة حلم اقتصادي وسياسي تقنع به المغاربة للبقاء في وطنهم، حيث أصبحت نسبة كبيرة تحسن بأن الوطن تعرض للاختطاف.
ومن ضمن المفارقات العجيبة أن تسعة ملايين مغربي الذين يرغبون في مغادرة البلاد يفوق عدد المغاربة إبان الحصول على الاستقلال، وهذا أمر يدعو الى التأمل العميق حول ما حققه المغاربة بعد الاستقلال، هل مغرب اليوم هو ما كان الأجداد والآباء يحلمون به وهل يوجد مغرب الغد؟