يعيش المغرب توترا اجتماعيا في قطاعات مختلفة وقد امتد الى قطاع رئيسي وهو التعليم وأساسا طلبة كليات الطب والصيدلة، حيث بدأت تلوح في الأفق سنة بيضاء بعد مقاطعة الامتحانات خلال الأسبوع الجاري. وكل هذا جراء عاملين، سوء التسيير الناتج عن ماركتينع سياسي رخيص، ثم الفساد العميق الذي يضرب أسس هذا الوطن.
ومنذ شهور، بدأ طلب كليات الطلب والصيدلة في توجيه إنذارات الى الدولة بضرورة العمل على تلبية المطالب ومنها تحسين شروط الدراسة والتكوين، سواء في كليات الطب أو داخل المراكز الاستشفائية، وتزويدها بالمعدات اللازمة للتحصيل العلمي، إلى جانب إلحاحهم على أن يخرج الإصلاح الموعود منذ سنة 2006 بخصوص إعادة هيكلة قطاع الطب إلى حيز الوجود، وينضاف إلى ذلك مطالبتهم بأن تتراجع الوزارة عن اعتزامها إضافة سنة دراسية أخرى في سنوات تكوين طلبة طب الأسنان لتصير ست سنوات عوض خمس.
في الوقت ذاته، طالبوا بعدم منافسة طلبة كليات الطب الخاصة لهم في التداريب في المستشفيات أو إتمام سنوات التخصص في القطاع العمومي بسبب الخلل في النقط بين العمومي الخاضع للصرامة والخاص الذي المتساهل، وفق ما يطرحونه.
قد تعاملت الدولة المغربية بنوع من الاستهتار بإضراب طلبة كليات الطب كما تعاملت مع الأستاذة المتعاقدين، وبهذا دخل الطلبة في إضراب مفتوح أدى الى مقاطعة الامتحانات خلال الأسبوع الجاري في سابقة من نوعها في تاريخ كليات الطب.
وبدل الرهان مجددا على الحوار والاستماع، تلجأ الدولة الى التصعيد وتوجيه الاتهامات الى بعض الحركات بالوقوف وراء تأجيج الأوضاع، وكأن هذه الحركات هي من شجعت خدام الدولة عل سرقة الأراضي عبر عملية سرقة منظمة باسم القانون ودفع المسؤولين الى فتح حسابات سرية في سويسرا وتشجيع رجال الأعمال ومسؤولين على فتح شركات سرية في بنما.
قرار مقاطعة طلبة كلية الطب للدراسة والامتحانات ما هو سوى مظهر من مظاهر الاحتجاج الذي يشهده المجتمع المغربي ضد التردي والانهيار الذي يبدو أنه مبرمج ويستهدف هذا الوطن. إنه انهيار مبرمج لسببين رئيسيين:
في المقام الأول، رهان من يفترض فيهم المسؤولية على العشوائية في التدبير لمختلف القطاعات في هذا الوطن بسبب تغليب منطق التملق على الكفاءة، وبسبب الماركتينع الرخيص “العام زين” للتطبيل للحاكمين رغم أخطائهم بدل الوقوف على الأخطاء والمشاكل وحلها بكل شجاعة.
في المقام الثاني، بسبب عملية النهب المتوحش الذي تعرض له الوطن من اختلاسات وسرقة دون استحضار الضمير الوطني وهو ما أدى الى انهيار الصحة والشغل والتعليم وإغراق الوطن في المديونية . واستدراكا للأسوأ في ظل شبح التغيرات والاحتجاجات والمحاسبة، يهرع من يمتلكون القرار الى الرهان على خوصصة كل القطاعات كأنه الحل السحري عل حساب كرامة الشعب المغربي.