يتابع الرأي العام الدولي باندهاش كبير كيف تورطت الملكية السعودية في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي بطريقة بشعة. كما يهتم الرأي العام العربي بتحرك نخبة الأردن لإنقاذ البلاد من الفساد الذي تسبب فيه الملك عبد الله الثاني. هذا الوضع يحيل على تساؤل عريض: لماذا يحظى ملوك الغرب بالاحترام بينما يتورط ملوك العرب في عمليات القتل وسرقة أموال شعوبهم.
وبدأت التحقيقات الأمنية تقود الى العقل المدبر لجريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقي يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي في القنصلية السعودية في اسطنبول، ويشمئز الناس من الأخبار التي تفيد بنهج القيادة السعودية الغدر والخيانة باستدراج إنسان مسالم الى مقر تمثيلية دبلوماسية والقيام لاحقا بقتله والتمثيل بجثته في عمل إرهابي يتعدى خيال الجماعات الإرهابية.
وبدأ يتضح جليا بشهادة الاعلام مثل نيويورك تايمز أو مسؤولين أمريكيين وأتراك بوقوف القيادة السعودية وراء هذه الجريمة المخالفة لكل الأعراف السماوية والبشرية، وتشير أصابع الاتهام أساسا الى ولي العهد محمد بن سلمان الذي ابتليت به بلاده والعالم العربي.
وفي ملف ملكي آخر، انتفضت نخبة من المجتمع الأردني وأصدرت هذه الأيام بيانا تندد فيه بتصرفات الملك عبد الله الثاني وكيف أوصل الأمة الأردنية الى الحضيض مقابل خدمة أجندته الشخصية من اغتناء وتسيب على ممتلكات البلاد والعباد. وكان البيان بليغا عندما أشار الى استشراء الفساد في الدولة واستغلال الأمراء والنافدين لخيرات البلاد وتغيب الملك في سفريات الى الخارج للمتعة الشخصية وليس لخدمة الشعب الذي أوتمن عليه، وعمل على تفويت صلاحيات الحكم الى شرذمة من محيطه هم أقرب الى اللصوص منهم الى المساعدين.
إن ما تقوم به أغلبية الملكيات في العالم العربي يجر الى سؤال عريض: لماذا الأنظمة الملكية في الغرب محترمة من طرف شعوبها، لماذا تقوم بخدمة هذه الشعوب، لماذا تسهر على احترام الدستور وتنأى بنفسها عن الفساد، ومن تورط منها في فساد لا يرحمه شعبه مثلما حدث مع الملك خوان كارلوس الذي اضطر الى التخلي عن العرش لابنه فيلبي السادس بسبب فضائح، لكنها تبقى محدود للغاية أمام فضائح ملوك العرب.
وفي المقابل، لماذا أغلبية ملوك العرب متورطين في الفساد، فقد جاء ذكرهم في كل الملفات الدولية مثل الحسابات البنكية في سويسرا وبنما وتهريب ممتلكات البلاد من موارد طبيعية مثل الذهب والبترول، ولماذا تحتقر الأنظمة الملكية العربية شعوبها وتعمل على نهج سياسة التضييق والاعتقالات والاغتيالات؟ تنهج هذه الأنظمة الملكية إجراما الدولة ولاحقا تتغنى بالوطنية وتعتقد أنها محبوبة من طرف الشعوب التي فرضت عليها فرضا لأسباب تاريخية ومنها الإستعمار.
لماذا نجحت الأنظمة الملكية الغربية في الانتقال بشعوبها الى مصاف الدول الراقية المحترمة، بينما جعلت الأنظمة الملكية العربية شعوبها تعيش في الذل والهوان والتخلف بشتى تلاوينه.
إنها أسئلة مطروحة على بعض الأنظمة الملكية العربية التي بدأت تتحول الى عصابات أكثر منها الى أنظمة سياسية واصبحت مصدر الفتنة الحقيقية وضرب استقرار الأوطان التي تحكمها بحدة السلاح والعنف والقهر.