ستناقش لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب ابتداء من الأسبوع المقبل تقرير النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة لسنة 201، ويحدث هذا في غياب الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة محمد عبد النباوي بمبررات تبدو هشة للغاية وهي استقلالية مؤسسته.
وهكذا، ستبدأ لجنة العدل والتشريع اجتماعها يوم الثلاثاء لمناقشة التقرير المذكور للوقوف على عمل النيابة العامة ومواقف ممثلي الشعب من عملها. والمثير أن هذا سيجري في ظل غياب رئيس النيابة العامة. ويبرر هذا الأخير غيابه باستقلالية المؤسسة وخضوعها فقط للمجلس الأعلى للقضاء. وكان قد قدم في حوار له سنة 2017 في قناة ميدي 1خلال سنة 2017 تبريرات في هذا الشأن.
والواقع أن تبريرات رئيس النيابة العامة غير معللة قانونية بما فيه الكفاية لأن المثول أمام نواب لجنة التشريع لا يعني فقدان الاستقلالية نهائيا بل هو مثول أمام هيئة تمثل سيادة الشعب، كما أن مثوله أمام نواب الأمة يعني تقديمه توضيحات عن أسئلة يرددها الرأي العام بمختلف حساسياته وتوجهاته الإديولوجية.
وتفيد تجارب دول أخرى بمثول رئيس النيابة العامة بل وحتى رئيس المجلس الأعلى للقضاء أمام اللجن البرلمانية عندما يقتضي الأمر ذلك، ومن ضمن الأمثلة من اسبانيا التي تجمع النباوي علاقة عمل وتعاون مع مسؤوليها في القضاء.
ويمثل رئيس النيابة العامة الإسبانية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء خلال شهر أبريل من كل سنة أمام لجنة التشريع والعدل في البرلمان الإسباني لتقديم شروحات حول التقرير السنوي للنيابة العامة بينما رئيس المجلس الأعلى للقضاء يقدم حول الممارسة القضائية العامة في البلاد. ويحدث هذا في وقت يتولى فيه وزارة العدل سياسي من الحزب الحاكم. ويحدث هذا في كل الدول التي تحترم مواطنيها، حيث عادة ما يكون موضوع مكافحة الفساد على رأس النقاش.
ونتساءل: هل تجنب مثول رئيس النيابة النباوي أمام لجنة العدل هو تجنبه في الواقع لأسئلة قد تصدر عن برلماني ما حول السؤال الذي يؤرق المواطنين: ما دور النيابة العامة في محاربة الفساد الذي ينخر الدولة؟ ماذا فعلت في ملفات الحسابات السرية في البنوك السويسرية وفي بنما وحالات أخرى منها جريمة اغتصاب أموال الشعب في المخطط الاستعجالي للتعليم علاوة على الجرائم المالية التي ترصدها تقارير إدريس جطو؟
يمكن تأويل القانون في تجنب المثول أمام لجنة برلمانية، رغم القداسة التي تتمتع بها مؤسسة مثل هذه لدى الشعوب والأوطان المحترمة، ولكن هل يمكن أن يرد على أسئلة الرأي العام: ماذا فعلت النيابة العامة في ملفات سويسرا وبنما والمخطط الاستعجالي و…، الصمت ليس حكمة في هذه الحالة.