افتتاحية: حان الوقت لكي يراهن شمال المغرب على دول مثل بريطانيا والبرتغال بدل اسبانيا فقط

جسر لشبونة من أكبر الجسور، لماذا لا يربط شمال المغرب جسرا اقتصاديا وثقافيا مع البرتغال

تستمر اسبانيا بوابة شمال المغرب نحو أوروبا في مختلف القطاعات. وهذا الارتباط يحكم على شمال المغرب بالتخلف النسبي مقارنة مع انفتاح مناطق أخرى من المغرب مثل محور القنيطرة حتى مراكش وأكادير ومرورا بالرباط والدار البيضاء وفاس على فاعلين دوليين تتعدى فرنسا الى دول مثل المانيا وبريطانيا.

ورغم موقعه الجغرافي الهام، يبقى شمال المغرب ومنه محور الحسيمة حتى تطوان المنطقة التي تجمعها أقل علاقات مع فاعلين في أوروبا، وهذا يعود الى الرهان التاريخي على اسبانيا كفاعل اقتصادي وثقافي.

لكن المعطيات تبرز واقع مختلفا، فقد أغلقت اسبانيا تقريبا إغلاق جامعاتها في وجه مغاربة الشمال بحكم سياسة التأشيرة “الفيزا” التي تنم عن سياسة ذات أهداف غامضة للغاية. ونظرا لارتباط منطقة الشمال بشكل ضعيف بباقي مناطق أوروبا مثل البرتغال والمانيا وإيطاليا، فقد تحولت المنطقة الى الأقل التي يلتحق شبابها بجامعات أوروبية. وهي تتفوق فقط على مناطق فقيرة تقع في شرق المغرب، وتبقى دون مناطق أخرى مثل الرباط وفاس والدار البيضاء ومراكش.

وسياسة عدم الانفتاح على الخارج تؤدي الى افتقار منطقة شمال المغرب للأطر سواء في الوقت الراهن أو مستقبلا، وهذا ما ينعكس سلبا على التنمية.

في الوقت ذاته، رغم تقدم العلاقات المغربية-الاقتصادية خلال الخمس سنوات الأخيرة وتحول اسبانيا الى الشريك التجاري الأول للمغرب، فنسبة صادرات شمال المغرب تبقى هامشية مع باقي المحاور المغربية الأخرى.

ويعود هذا الى سببين رئيسيين، الأول هو رهان اسبانيا على الاستثمار في باقي مناطق المغرب دون الشمال، وفي الوقت نفسه، لا يجد رجال الأعمال الصغار والمتوسطين من شمال المغرب المساعدة سواء في التوجيه ويصعب عليهم الحصول على  التأشيرات للمشاركة في المعارض الإسبانية لعرض بضائعهم والبحث عن الاستثمارات المشتركة.

وتبقى المفارقة أنه في الوقت الذي تعقد لقاءات اقتصادية هامة بين اسبانيا وباقي مناطق المغرب، تكتفي في حالة شمال المغرب بلقاءات بروتوكولية في الاقتصاد لا منفعة منها أو لقاءات ثقافية محدودة تهدف الى تبرير مصاريف المساعدات الأوروبية بحكم أن هذه اللقاءات تقام بمشاريع مالية للاتحاد الأوروبي الخاصة بالتعاون مع الحدود.

لقد تخلت اسبانيا عن سياسة المساعدة في تنمية شمال المغرب، وغابت روح التعاون الذي كانت قد بدأت تتبلور في التسعينات الى سياسة مبهمة وغامضة. لقد تبنت التمثيليات الإسبانية في شمال المغرب أطروحات كانوفاس ديل كاستيو المقيتة بدل أطروحات بلاس إنفنتي الإنسانية.

ولتقدم قنصليات شمال المغرب ومنها تطوان والناضور أساسا رقم التأشيرات الممنوحة لمواطني المنطقة لمتابعة الدراسة في الجامعات الإسبانية، ولتقدم كذلك رقم التأشيرات التي حصل عليها رجال أعمال صغار ومتوسطين لتطوير علاقاتهم التجارية مع شركات اسبانية.

المعطيات تبرز أن استمرار ارتباط شمال المغرب بحلم التعاون الاقتصادي مع اسبانيا لتحقيق تنمية بفضل التعاون الدولي سيكون خطئا فادحا، فسيجعل المنطقة تغرق أكثر في تجارة المخدرات والهجرة والتهريب. نعم، هناك ما أبعد من اسباني، هناك البرتغال وبريطانيا وإيطاليا، وما على المجتمع المدني والسياسي والمهنيين سوى الانفتاح على هذه الدول.

Sign In

Reset Your Password