تسبب الوباء العالمي فيروس كورونا في مآسي كثيرة اجتماعية وسياسية واقتصادية ومنها بقاء الناس عالقة في دول أخرى، وقامت دول بتسريع عملية الإجلاء وتأخرت أخرى رغم توفرها على الوسائل اللوجيستية الكافية ومنها المغرب، حيث مئات النساء عالقات في سبتة ومليلية المحتلتين.
في هذا الصدد، كان المغرب من الدول أغلقت حدودها ومنعت عودة المغاربة العالقين في محاولة منها لاحتواء الفيروس، وكانت من دول التي شكلت الاستثناء في هذا الصدد. وتدريجيا عملت الدولة المغربية على ترحيل العالقين، حي تكلفت بقرابة ثمانية آلاف من أصل 23 ألف المعلن عنهم.
ورغم فتح الحدود، يستمر موضوع العالقين قائما لأسباب مالية أو إدارية. ويوجد عدد من العالقين الذين لم يستطيعوا العودة الى الوطن بسبب غياب الإمكانيات المالية لاسيما كيفية إجراء التحاليل الطبية حول كورونا فيروس. لكن الملف المأساوي هو ملف سبتة ومليلية المحتلتين.
في هذا الصدد، كان المغرب قد عمل على إجلاء المئات من المغاربة العالقين في المدينتين، لكن العملية لم تشمل الجميع مع الأسف حيث بقي قرابة 700 دون الاستفادة من العودة الى ديارهم لاسيما في تطوان ونواحيها وفي الناظور ونواحيها.
ونجح بعض العالقين وعددهم حوالي 50 بالعودة الى إقليم الفنيدق سباحة، كما نجح مغاربة آخرون من مليلية الى الناظور عبر تجاوز الجدار السلكي، ولقي شاب الأسبوع الماضي حتفه عندما حاول القفز عبر هذه الأسوار الفاصلة بين المدينة المحتلة وباقي الأراضي المغربية. ومازال في المدينتين مئات النساء العالقات بعضهن متقدمات في السن، يعيشن في ظروف صعبة للغاية، ومنهن 70 متكدسات في مستودع سابق لبيع الخمور.
لم تشمل عملية العودة النساء اللواتي تدخلن لممارسة التهريب المعيشي أو العمل كخادمات في البيوت. لا يمكن للمسؤولين التخلي عن نساء بعضهن تجاوزن السبعين سنة من العمر عالقات في المدينتين المحتلتين. إذ لم يعد هناك من مبرر بعد رفع الحجر وبعدما تبين خلو العالقين عند عودتهم من هذا الفيروس مع استثناءات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.
ولا يمكن للنساء العودة سوى عبر الحدود البرية التي مازالت مغلقة، ولم تسمح لهن اسبانيا بالعبور الى اسبانيا للعودة الى المغرب عبر مطار مالقا لأنهن لا يتوفرن على التأشيرة، وحتى إذا سمحت، فلا تمتلكن المال الكافي لاسيما بعد شهور من التشرد العيش بماعدة الصليب الأحمر ومساعدات مقدمة من طرف مغاربة المدينتين.
المنطق والوطنية يتطلب من المسؤولين المشرفين على هذا الوطن من ملكية وحكومة وأحزاب وحتى المجتمع المدني استحضار هذه المأساة والعمل على تسهيل عودة مئات النساء العالقات حتى لا يقال أن الوطن تخلى وأغلق أبوابه في وجه نساء ضعيفات بعضهن تجاوزن السبعين من العمر.