يعيش المغاربة العالقون في العالم ومنهم سبعة آلاف مغربية في منطقة ويلفا جنوب الأندلس حالة من اليأس جراء الصعوبات التي وضعتها الدولة أمام الراغبين في العودة، وهو أمر يتطلب تحرك استثنائي بضمير وطني حي.
في هذا الصدد، يعتزم المغرب يوم 15 من الشهر الجاري فتح الحدود أمام المغاربة الراغبين في العودة أو زيارة المغرب، ويتعلق الأمر بفتح استثنائي للحدود مرفوقا بشروط وهي تقديم تحليلتين الأولى وتتعلق ب PCR وتهدف الى معرفة هل المسافر مصاب أم لا، التحليلية الثانية من نوع سيرولوجيك تكشف هل المسافر كان مصابا بفيروس كورونا.
وبقدر ما أعرب المغاربة عن فرحتهم جراء قرار فتح الحدود بقدر ما تحول الفرح الى غضب ويأس حقيقي بسبب هذه الشروط التعجيزية على رأسها الشروط الطبية لاسيما الفترة الزمنية المحدودة الخاصة بالتحاليل، ثم فرض السفر عبر شركتين وهما الخطوط الجوية الملكية والعربية.
ويعيش المغاربة العالقون بوضع صعب للغاية بسبب نفاذ المال بالنسبة للغالبية منهم، وصعوبة السفر من الأماكن التي حددتها الدولة. لكن الوضع المأساوي هو وضعية قرابة سبعة آلاف امرأة مغربية ذهبن للعمل في حقول الفراولة في ويلفا جنوب غرب الأندلس ووجدن أنفسهن رهائن لا يستطعن العودة.
وتنتمي النساء العاملات الى المجال القروي، واعتدن القدوم لبضعة أشهر من كل سنة للعمل في حقول ويلفا الإسبانية لجني الفراولة. وأغلبهن لا تعرفن الكتابة والقراءة ولا تتحدثن الإسبانية، فكيف سيقمن بحجز ميعاد مع الطبيب لإجراء لتحاليل وحجز تذكرة الطائرة. وتريد العاملات العودة الى المغرب، ولا يعرفن سوى الطريق الكلاسيكي وهو: الحافلة من محطة ويلفا إلى ميناء الجزيرة الخضراء ثم الانتقال بحرا نحو طنجة أو سبتة.
ونظرا لحالة اليأس والتشرد التي تعيشها نسبة هامة من العالقين الذين يفوق عددهم 28 ألف في حالة احتساب سبعة آلاف امرأة، يستوجب الأمر قيام الدولة بواجبها الوطني وضرورة استحضار المجتمع بشقيه السياسي والمدني ملف العالقين وإظهار الغيرة الوطنية الحقيقية العميقة وقت الشدة. فقد أبانت الدولة عن قصر النظر في معالجة هذا الملف، وتلتزم أغلبية الأحزاب السياسية الصمت وغابت الجمعيات النسائية في ملف مقهورات ويلفا.
أمام رفع الحجر الصحي، وأمام ارتفاع الحالات، وقرار الدولة التعايش مع هذا الفيروس مثل باقي الدول، والتفكير في الحجر في المنازل بدل المستشفيات والفنادق، لا يوجد اي مبرر بعودة المغاربة العالقين. قد تكون بينهم إصابات بالفيروس، ولكن لن تتعدى في أحسن الأحوال 1%، اي أقل من 300، وهو رقم عادي مقارنة مع الحالات التي تسجل يوميا في المغرب.
الدولة مطالبة بتحرك استثنائي بتحريك كل طاقاتها بما في ذلك القوات الجوية المغربية لمعالجة ملف العالقين وملف المنسيات في ويلفا أكثر من التفكير في الزيارة المشروطة للمغاربة المقيمين في الخارج، فالأمر يتعلق بمواطنين لا يجب على الوطن التخلي عنهم في وقت الشدة، الوطن الحقيقي هو الذي يقف الى جانب مواطنيه لاسيما في الشدة.