يستمر موضوع المغاربة العالقين وأساسا النساء حاضرا بقوة بطابعه المأساوي، ويساءل الدولة المغربية التي وظفت إمكانيات هائلة في تقديم مساعدات لدول إفريقية ولبنان ولكنها تتخلى عن توظيف إمكانيات هي في ملكية الشعب المغربي لإنقاذ العالقين وخاصة النساء.
ونشرت الصحافة الإسبانية أمس الثلاثاء شريطا لأمرأة مغربية وهي تحاول عبور الحدود البحرية من سبتة المحتلة الى الأراضي المغربية وتعرض نفسها للخطر. إنها امرأة من مئات النساء في سبتة ومليلية المحتلتين دخلن للعمل أو التبضع يوم 15 مارس الماضي، وقامت الدولة بإغلاق الحدود بسبب احتواء كورونا يفروس. لقد لجأت هذه المرأة الى المغامرة بحياتها للعودة الى عائلتها بعدما بلغ اليأس منها درجة خطيرة. وها هي الأخبار تفيد بتفكير البعض منهن في الانتحار.
لا أحد يدري المبررات التي يعتمدها النظام المغربي في الاستمرار في إذلال النساء المغربيات في سبتة ومليلية المحتلتين. نعم لقد رخص، وبعض مناشدات وحملة تنديد، لمئات المغاربة خلال مايو الماضي بالعودة من المدينتين، وتحكمت الزبونية في اللوائح. وفي المقابل، جرى ترك المئات منهن في أوضاع مأساوية، ويكفي أن قرابة السبعين تعشن في مستودع سابق للخمور في أوضاع مزرية.
يدرك النظام أن المغاربة العالقين في سبتة ومليلة يعيشون مأزقا إداريا حقيقيا، فهم لا يمتلكون الفيزا للمرور الى مالقا للعودة عبر طنجة، وخاصة أن الغالبية من شريحة فقيرة تدخل للعمل في المدينتين المحتلتين. ويدرك النظام المغربي أن العالقات لا تشكلن خطرا على الأمن الصحي للبلاد بعدما بدأ المغرب يسجل يوميا أكثر من ألف حالة، علما أنه يمكن إجراء التحاليل على النساء قبل عودتهن.
وهنا نتساءل: ما معنى أن يهب النظام، موظفا ممتلكات الشعب المغربي التي ائتمن عليها، لمساعدة دول إفريقية وتقديم معونات للبنان، ويمعن في تهميش وإذلال المرأة المغربية الى مستوى التسبب في تشردها في سبتة ومليلية؟ هل يمكن لهذا النظام الادعاء بالدفاع عن صورة المغرب في الخارج وهو يمرغ المرأة المغربية في الذل والعار؟
ما معنى صمت الأحزاب المغربية وجمعيات المجتمع المدني، ولاسيما التي ترفع شعار الدفاع عن المرأة، في هذا الملف الإنساني؟ إنه لموقف غير مشرف لأولئك المغاربة الذين كانوا عالقين في الخارج، ودافعت عنهم الصحافة وبعض الجمعيات، وبعدما عادوا الى الوطن وبدل تشكيل جبهة للتعريف بمأساة إخوانهم العالقين تناسوا الموضوع كليا.
إن النظام المغربي المؤتمن على حياة الناس، يجب أن يكون في مستوى الدستور المغربي الذي يلزمه بإنقاذ المواطنين ولاسيما النساء العزل اللواتي تركهن عرضة للتشرد. هل من ضمير للنظام المغربي؟
رغم سوء التسيير ورغم النهب الممنهج، يمتلك الوطن شروط اللوجيستية لنقل واستقبال العالقين وخاصة العالقات، نعم يمتلك الشروط اللوجيستية لإنقاذ أبناء الوطن. الوطن لا يطلب شيئا من المسؤولين، سوى توظيف ممتلكات الشعب لإنقاذ أبناء الشعب.
هل يمكن لأي مسؤول في هذا البلد الحديث مجددا عن الوطنية والشرف في ظل التخلي المخزي عن نساء عالقات في سبتة ومليلية. إنه العار!