يشهد المغرب تجربة لا بأس بها في مجال الجمعيات النسائية، وقد سجلت بعض هذه الجمعيات مواقف رائعة طيلة العقود الأخيرة، لكن في بعض الأحيان تختفي بشكل مثير مثل غيابها عن ملف النساء المغربيات العالقات في الخارج وأساسا في سبتة ومليلية المحتلتين.
وإقليميا، تعد تجربة الجمعيات النسائية المغربية الى جانب تونس في شمال إفريقيا رائدة من خلال أنشطتها المتنوعة والمستمرة والوقوف الى جانب قضايا حقوقية لا تهم فقط المرأة بل المجتمع برمته. كن خلال السنوات الأخيرة أصاب هذه الجمعيات، مع استثناءات “فيروس الريع الاقتصادي” على شاكلة ما أصاب بعض الأحزاب السياسية وجمعيات أخرى من المجتمع المدني.
ويتجلى “فيروس الريع” في تجنب الحديث عن بعض القضايا الحقوقية الشائكة ومنها ما يجري في مجال حرية التعبير سواء المجال الصحافي أو الاجتماعي مثل الصمت في ملف معاناة أمهات المعتقلين في الاحتجاجات الاجتماعية مثل جرادة والريف.
وإذا كانت بعض الجمعيات تتجنب المواقف السياسية التي لا تصب في سفينة الدولة حتى لا تفقد بعض الامتيازات أو اقتناعا منها بمواقف معينة، في الوقت ذاته، لا يفهم صمتها غير المشرف في ملف العالقات المغربيات في الخارج ولاسيما في ملف سبتة ومليلية المحتلتين.
فقد عانت المغربيات كثيرا حتى وصل الأمر ببعضهن الى التشرد، والآن تعيش مئات النساء المغربيات في سبتة ومليلية حالة التشرد بعدما تخلى عنها المسؤولون المغاربة المنوط بهم حماية كرامة وأمن وشرف المواطنين المغاربة ولاسيما النساء.
منذ ستة أشهر والنساء المغربيات عالقات في سبتة ومليلية المحتلتين، ويتعلق الأمر بنساء بسيطات يعملن في بيوت الإسبان أو التهريب المعيشي بعدما لم توفر لهن الدولة المسؤولة عن الوطن فرص العيش الكريم. دخلن ليوم واحد، والآن يعشن منذ ستة أشهر في ظروف مزرية، منهن من اتخذن من مستودع للخمور مكانا للعيش في انتظار أن يحن قلب الذين أقسموا بالتفاني في خدمة الشعب والوطن. لا يمكنهن العودة الى باقي الأراضي المغربية بسبب استمرار المغرب إغلاق الحدود مع المدينتين المحتلتين، علما أنه تم فتحها في مناسبة واحدة لإعادة نصف العالقين دون الآخرين، كما لا يمكنهن التوجه الى اسبانيا للعودة من مالقا بحكم أنهن لا يتوفرن على التأشيرة. ونحن نتحدث عن نساء أغلبهن أميات لا يفقهن ومتقدمات في السن، هناك من تجاوز 75 سنة.
ومن جهة أخرى، لم يعد من مبرر للدولة المغربية بعدم السماح لهن بتوظيف الوباء بعدما بدأ المغرب يسجل أكثر من 1200 حالة يوميا، ونحن نتحدث عن قرابة 400 امرأة، ولا توجد إصابات في صفوفهن. وشاهد الرأي العام المغربي والدولي كيف عمدت نساء الى المغامرة بحياتهن للعودة الى حضن عائلاتهن في المغرب.
في غضون ذلك، يبقى التساؤل وهو: لماذا هذا الصمت المريب والجماعي للجمعيات النسائية في التعاطي مع هذا الملف؟ لماذا لا يتم تأسيس لجنة تضامن لتحريك هذا الملف؟ موقف لا يشرف وتاريخ ونضال بعض الجمعيات النسائية الجادة، أما الأخرى التي تنهل من “اقتصاد الريع” فلا حديث عنها.