كشفت “اللجنة الوطنية من أجل الحرية للصحفي عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي والدفاع عن حرية التعبير”، عن رصدها متابعة 17 ناشطا بسبب تعبيرهم عن آرائهم في شبكات التواصل الاجتماعي خلال سنة 2019، معلنة عن تنظيم وقفة احتجاجية تضامنية مع معتقلي الرأي أمام البرلمان للتحسيس بهذا الملف الشائك الذي يتفاقم.
وأكدت اللجنة المذكورة، خلال ندوة صحفية، اليوم الخميس 9يناير الجاري بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، ارتفاع وتيرة المتابعات القضائية في حق الصحفيين والمدونين والنشطاء الحقوقيين باستعمال مقتضيات القانون الجنائي أو المقتضيات الزجرية الواردة في قوانين خاصة، وهو ما وصفته بالتطور الخطير للغاية.
من جانبه، قال الصحفي عمر الراضي، انه فوجئ بالكم الهائل من التضامن مع قضيته التي أخرجت فئات نوعية للتعبير عن تضامنها، مطالبا اللجنة التضامنية بالاستمرار في النضال لإخراج آخر معتقل عبر عن رأيه من السجن “، وذلك بعدما جرى اعتقاله يوم 26 ديسمبر الماضي بتهمة إهانة القضاء بسبب تعليق في تويتر على الأحكام التي صدرت في حق نشطاء حراك الريف.
واعتبر عمر الراضي في تصريح لـ”لكم”، ان التضامن النوعي الجديد في قضيته، يؤكد أن التضامن لم يعد منحصرا في رقعة المناضلين الكلاسيكيين من حقوقيين وأحزاب سياسية وشبيباتها، مشيرا إلى أن الطبيعية السريالية لقضايا اعتقالات دفعت فئات مختلفة من شرائح المجتمع من بينهم رياضيين وفنانين و أطر عليا في البلاد للخروج للتعبير عن رأيها برفض هذه الاعتقالات، في الوقت الذي لم يكن لهؤلاء أي انخراط في السياسة، والأمر نفسه الذي لوحظ في قضية اعتقال الصحفية هاجر ريسوني التي عرفت أيضا قضيتها حملة تضامنية واسعة وهو شيء صحي وإيجابي جدا يشير إلى أن المغاربة لازالوا يؤمنون بالنضال للدفاع عن هموم الشعب المغربي.
رسالة ترهيب لإسكات المنتقدين
من جهته أكد أحمد بنشمسي، مدير التواصل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن الاعتقالات الأخيرة المرتبطة بحرية الرأي والتعبير في الفضاء الرقمي، هي حملة اعتقالات وطنية موجهة لكل مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يعبرون عن آراء تنتقد النظام المغربي، معتبرا أن الحملة المكتفة من الاعتقالات تريد من خلالها السلطات المغربية توجيه رسالة ترهيب للجمهور وللشعب المغربي بصفة عامة حتى لا يعبر المغاربة عن مواقف تنتقد النظام بكل حرية.
وتابع بنشمسي، في تصريح لـ”لكم”، ” في الأشهر الأخيرة لم تعد الدولة تبحث عن أساليب ملتوية لاعتقال المنتقدين لها، بل أضحت هذه الأخيرة تعتقل النشطاء بشكل مباشر بسبب نشر آرائهم عبر الانترنيت وهي رسالة تخويف واضحة من السلطات لأصحاب الآراء الحرة في المجال الرقمي تتمثل في “إذا حليتي فمك غادي تشد في الحبس”.
وفي تعليق له على متابعة 17 ناشطا في حالة اعتقال، قال بنشمسي إن ” حملة الاعتقالات جاءت بنتائج عكسية، حيث يلاحظ ان عدد كبير من النشطاء ردوا على السلطات المغربية باستمرارهم في انتقاد الأوضاع الاجتماعية بالمغرب وبالضغط الوطني والدولي من أجل اطلاق معتقلي الرأي وحرية التعبير”.
وحول استمرار التضييق على عمل الصحفيين المغاربة، أوضح بنشمسي ،”أنه في عهد الملك محمد السادس كان هناك تطور نوعي في مجال الصحافة مقارنة مع مرحلة الراحل الحسن الثاني، تجلت بحسبه “في الجرأة والنضج الكبير، إلا أنه وصلنا اليوم بعد توالي حملة التضييق واعتقال الصحافيين إلى ممارسة الرقابة ذاتية، نتيجة التخويف، مما جعل حرية التعبير تشهد تراجعا كبيرا”.
“مغرب دون معتقلي الرأي”
بخصوص وضعية النشطاء المعتقلين حاليا بسبب نشر آراهم عبر الانترنيت، شددت اللجنة الوطنية من أجل الحرية للصحفي عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي والدفاع عن حرية التعبير، على أنها ستواصل عملها من اجل الحرية لكافة معتقلي الرأي، وذلك عبر حملة وطنية “الحرية لولاد الشعب” التي أطلقت في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحة أن “أولويتها اليوم الدفاع عن معتقلي الرأي في الفضاء الرقمي، نظر لاستهدافه بشكل كبير من طرف السلطة، وهو استهداف يأتي في إطار استكمال الإجهاز على الحق في التعبير، لكون الفضاء الرقمي ظل منفلتا نسبيا عن التضييق والحصار إلى حدود بدء هذه الحملة القمعية قبل شهور”.
استمرار قمع الحريات
من جهة أخرى، اعتبرت اللجنة أن الوضع يزداد ترديا بخصوص قمع الحريات، معبرة عن “إدانتها الشديدة لاختيار من أوكل اليهم تنفيذ السياسة الجنائية منطق التشدد في التعاطي مع قضايا الرأي خاصة من خلال اعمال الاجراءات الماسة بالحرية والمتابعة في حالة اعتقال في مجموعة من الملفات المعروضة حاليا على القضاء، مما يجعل كل الملاحظين يؤكدون على ان المتابعات في معظمها مشوبة بعيب الانتقام وتوظيف مرفق القضاء في تصفية الحسابات السياسية مع المنتقدين والمعارضين الذين عرفوا بمواقفهم الجريئة والشجاعة في فضح اوجه الفساد والريع واستغلال السلطة، وانتقادهم للأحكام الجائرة الصادرة في حق نشطاء حراك الريف، أو فقط التعبير عن غضبهم واستيائهم من انتهاك السلطة لحقوقهم، وقد عبرت عموم الحركة الحقوقية والصحافة الوطنية والدولية عن انتقادات صارخة للتدهور المريع لحرية التعبير في الفضاء الرقمي بسبب هذه القرارات التعسفية للسلطات المغربية.
رصد اعتقال17 ناشطا
قدمت اللجنة ، قائمة الأشخاص الذين تمت مقاضاتهم بسبب الآراء التي تم التعبير عنها عبر الانترنيت منذ سنة 2019. ويصل عددهم إلى 17معتقلا، معبرة عن دعمها المطلق لكل ضحايا الاعتقال والمتابعة بسبب الراي وحرية التعبير التي يكفلها الدستور والقانون الوطني والمواثيق الدولية ذات الصلة، خاصة أن المغرب استكمل في السنة الماضية أربعين سنة عن تصديقه على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يفرض على المغرب احترام حرية الرأي والتعبير والذي يعتبر أيضا أن ما يتابع به هؤلاء المعتقلون يدخل ضمن حريتهم في التعبير.
وحملت اللجنة التي تضم مجموعة من الحقوقيين، الجهات المسؤولة مسؤولية “الهجوم الممنهج ضد هذه الحريات”، معتبرة “اعتقال هؤلاء الصحفيين والمدونين والنشطاء على التواصل الاجتماعي ومتابعتهم بفصول القانون الجنائي وسلب حريتهم بمثابة اعتقال تعسفي وظف فيه القضاء من اجل الانتقام وتصفية الحسابات مع من يخالفون الدولة في سياساتها وتوجهاتها او من ينتقدونها أو يعبرون عن الغضب من نتائجها على حياتهم”، مجددة تأكيدها متابعة وضعية جميع معتقلي الرأي المشار إليهم والحالات التي قد تسجل لاحقا ما دامت تدخل في إطار الحق في التعبير ولا تدعو الى العنف أو الكراهية أو العنصرية”.
وفي سياق متصل، اعتبرت اللجنة أن هذه”الحملة القمعية لمستعملي الفضاء الرقمي، تهدف الى ترهيب مستعملي شبكات التواصل الاجتماعي، بعد احتكار الدولة الى كل المنصات التواصلية وإغلاقها لكل فضاءات النقاش العمومي ومجالات التواصل والتعبير الحر عن الرأي، ولم يتبقى للمواطن إلا هاته الفضاءات الرقمية”.