أخبرت السويد المغرب مؤخرا بعزمها الاعتراف بالدولة التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد، وهذا الاعتراف المرتقب يحمل انعكاسات سلبية للغاية على ملف الصحراء دوليا ويضع المغرب في موقف حرج للغاية، حيث سيشجع دول أخرى على اتخاذ قرار مماثل، أي الاعتراف ومنها أساسا الدول الاسكندنافية مثل النروج والدنمرك، لكن يبقى الخطر الأكبر هو احتمال تشجيع مثل هذا القرار دول ذات ثقل اقليمي ودولي وازن مثل البرازيل التي صادق برلمانها على الاعتراف بما يسمى الجمهورية الصحراوية.
وهكذا، فقد اتخذت حكومة السويد قرار الاعتراف الذي قد تترجمه الى قرار رسمي وعلني خلال مدة قصيرة باستثناء إذا نجح المغرب في ثني هذا البلد الأوروبي التراجع عنه. وكان البرلمان السويدي قد اعترف بما يسمى الجمهورية الصحراوية في أواخر سنة 2012. وقتها صرح المسؤولون المغاربة ومنهم الناطق باسم الحكومة مصطفى الخلفي بأنه قرار بدون جدوى وبدون أهمية وسيبقى حبيس جدران البرلمان، لكن حصل العكس في الوقت الراهن. وكانت ألف بوست قد تكهنت وقتها بمعطى الاعتراف في افتتاحية لها يوم 8 ديسمبر 2012.
وقرار السويد بالاعتراف بالبوليساريو كدولة يحمل انعكاسات خطيرة للغاية على الموقف المغربي رغم تفادي الدولة المغربية حتى الآن الحديث عن الانعكاسات الحقيقية والاقتصار على خطابات الانتقاد للسويد ودون تبني موقف شجاع بشأن تحديد الجهة المسؤولة عن هذا التدهور في ملف حساس مثل الصحراء.
وتتعدد الانعكاسات السلبية على مصالح المغرب، وهذه الانعكاسات تعني في الوقت ذاته، إيجابيات للبوليساريو، وبعضها سيكون على المدى القصير جدا والآخر على المدى المتوسط. ويمكن حصر هذه الانعكاسات بالنسبة للمغرب فيما يلي:
في المقام الأول، السويد تعتبر أول دولة غربية تتخذ قرار الاعتراف بما يسمى الجمهورية الصحراوية، وهذا قد يجر دول غربية أخرى الى تبني موقف مماثل، أي الاعتراف بالبوليساريو دولة. وكان الاعتراف في الماضي مقتصرا فقط على بعض دول العالم الثالث في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأغلبها لم يكن ديمقراطيا وقتها بل ويستمر الآن. في هذا الصدد، الاعتراف السويدي سيشجع باقي الدول الاسكندنافية الدنمرك والنروج وحتى فلندا على اتخاذ القرار نفسه، خاصة وأن التعاطف مع البوليساريو قوي في شمال أوروبا واعتادت هذه الدول تنسيق سياستها الخارجية. وتشهد برلمانات هذه الدول نقاشا بين الحين والآخر حول موضوع الصحراء، ويكون نقاشا من باب التعاطف مع المغرب.
في المقام الثاني، قد يتطور الاعتراف الى مبادرات أخرى مثل مقاطعة المنتوجات المغربية، حيث ترفض الآن بعض متاجر في دول مثل الدنمرك بيع المواد القادمة من الصحراء المغربية. وهذا هو السيناريو الذي بدأته دول هذه المنطقة ضد إسرائيل في الماضي قبل تعميمه في مناطق من العالم. وتؤكد حكومة السويد أنها تضع قضية الصحراء في نفس ميزان قضية فلسطين. ولا تقتصر دولة السويد وحدها على هذا الطرح بل عدد من الدول الإفريقية.
في المقام الثالث، قرار السويد قد يشجع دول أخرى على الإقدام على مبادرة مماثلة، فالسويد تتمتع بصور إيجابية للغاية وسط المنتظم الدولي والجمعيات غير الحكومية في العالم، وقرار صادر عنها يتم أخذه بعين الاعتبار خارج الاتحاد الأوروبي والغرب. ومن الدول التي قد تقدم على مبادرة مماثلة دولة البرازيل. فالبرلمان البرازيلي صادق بالإجماع وبدون معارضة على قرار الاعتراف بما يسمى جمهورية الصحراء خلال شهر غشت 2014. وتقدم نواب الحزب الحاكم بطلب الى رئيسة البلاد ديلما روسيف لإصدار مرسوم الاعتراف بما يسمى جمهورية الصحراء. وتتعرض رئاسة البرازيل لضغط داخلي من الأحزاب للاعتراف، كما تتعرض لضغط خارجي من الجزائر وجنوب إفريقيا بل والاتحاد الإفريقي لأن البرازيل اعتادت التنسيق مع هذه الدول في القضايا الكبرى، والتنسيق يتطلب دعم قضية مقابل أخرى.
وتعتبر البرازيل دولة إقليمية دات حضور دولي وازن، ورغم ما يقوله بعض الدبلوماسيين المغاربة باستبعاد إقدام هذا البلد على قرار الاعتراف، فلا يمكن استبعاد أي فرضية، فكل الفرضيات ممكنة في ظل التطورات الدولية. وخطورة قرار من البرازيل يتجلى في تبعية العديد من دول أمريكا اللاتينية لها، وبالتالي قد تشجع دول أخرى مثل التشيلي على خطوة مماثلة، علما أن برلمان التشيلي قد اعترف بما يسمى الجمهورية الصحراوية خلال أبريل 2014.