قررت الدولة المغربية عودة التعليم باللغة الفرنسية لعدد من المواد ومنها العلمية مثل الرياضيات والفزياء. ويأتي هذا القرار في ظل حكومة تحمل شعار العروبة والتعريب، وفي ظل ارتفاع دعوات حتى الأمس القريب من داخل الدولة العميقة بإنهاء الفرنكفونية والعمل على التوجه نحو الانجليزية.
ويعتبر قطاع التعليم في المغرب من القطاعات الفاشلة التي خضعت لتجارب متعددة من الفرنسة الى التعريب ثم مضمون المقررات الدراسية. ووصل الأمر الى وصف الملك محمد السادس في خطاب ثورة الشعب والملك هذا القطاع بالكارثي، علما أنه تولى الإشراف عليه رفقة مجموعة من مساعديه.
وقررت وزارة التعليم بإشراف بلمختار، ذات الارتباط المباشر بالدولة العميقة أكثر من الحكومة، هذا الأسبوع العودة لتلقين الدروس العلمية والتقنية باللغة الفرنسية في مرحلة الثانوي بعدما كانت مقتصرة خلال العشرين سنة الأخيرة على العربية فقط. وهذا القرار هو نتاج المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي برئاسة عمر عزيمان الذي عينه الملك خلال يوليوز من السنة الماضية.
وكان المغرب وحتى منتصف التسعينات يلقن بالفرنسية المواد العلمية والتقنية في الثانوي بل وحتى في الابتدائي، وهو ما جعل المدرسة المغربية تتوفر على جيل من الأستاذة لهم خبرة بالفرنسية. لكن بعد منتصف التسعينات، جرى تعريب المدرسة المغربية باستثناء اللغات، وارتفعت أصوات كثيرة وقتها تعتبر تعريب المواد العلمية ضربة حقيقية لمستقبل المغرب بحكم أنه لم يراكم نهائيا مقررات بالعربية ولا يتوفر على سياسة حكومية تشجيع الترجمة ومنها العلمية.
وبعد مرور عقدين، وقف مسؤولو الدولة على كارثة التعليم في المغرب، وجرى تشخيص الخلل بسرعة وبدون دراسات معمقة عن الأسباب الحقيقية في اللغة، وكان الرهان مجددا على اللغة الفرنسية.
ويخلف قرار وزارة التعليم، الذي يعتبر قرارا للدولة العميقة، جدلا سياسيا في المغرب يجمع بين السياسي والتربوي والديني ومرشح لجدل أكبر وممتد زمنيا.
ومن أبرز الانتقادات التي يتم توجيهها الى القرار هو أنه يأتي بعد حملة قوية ضد فرنسا خلال السنة الماضية وحتى بداية الجارية بأنها ترغب ترك المغربي تحت حمايتها وسيطرتها الثقافية والسياسية، والآن تقدم الدولة على فرنسة المواد العلمية.
وفي الوقت ذاته، تأتي في وقت كانت هناك مطالب بتعليم هذه المواد ولو تدريجيا باللغة الانجليزية بحكم أن معظم العلوم في العالم تنتج وتحرر بهذه اللغة. ورغم صعوبة تطبيق هذا الطلب لضعف اللغة الانجليزية في المغرب وقلة الأساتذة، لم يتم خوض ولو تجربة محدودة كما تفعل عدد من الدول ومنا المتقدمة مثل اسبانيا.