لم تنجح باريس والرباط في تجاوز الأزمة الحالية رغم الزيارة الخاصة التي قام بها الملك محمد السادس الى فرنسا، ويستمر الخلاف بين البلدين حول توقيع اتفاقية تجعل القضاء لا يتابع أي مسؤول مغربي خاصة في الملفات الأمنية كما يجري حاليا مع مدير المخابرات عبد اللطيف الحموشي، الأمر الذي ترفضه فرنسا.
واندلعت الأزمة الحالية عندما أراد القضاء الفرنسي يوم 20 فبراير الماضي التحقيق مع عبد اللطيف الحموشي بسبب دعاوي بشأن تعذيب مفترض تقدم به فرنسيون من أصول مغربية، وبينما تركز دعوتان على الجهاز، الثالثة التي تقدم بها زكريا مومني أمام المحكمة الخاصة بجرائم ضد الإنسانية تركز عليه شخصيا. وكانت وحدة من الشرطة قد توجهت الى منزل السفير المغربي لإبلاغ الحموشي الاستنطاق بل ودخلت شرطية الى منزل السفير من باب الخدمات، الأمر الذي اعتبره المغرب تهجما على سيادته.
وقام المغرب بتجميد العلاقات القضائية والتقليل من مستوى الزيارات السياسية، لكن استقبال المغرب منذ أسبوعين لوزير الزراعة الفرنسي ستيفان لوفول في مكناس على هامش المعرض الزراعي، ثم التنسيق بين البلدين في الأمم المتحدة حول الصحراء جعل الحديث يعود الى احتمال تفاهم للخروج من الأزمة.
وساهم وجود الملك محمد السادس في فرنسا طيلة أسبوعين من فرضية المصالحة، حيث جرى الحديث بقوة عن استقباله للوزير الأول الجديد مانويل فاليس. لكن اللقاء لم يحدث نهائيا، وقد يعود الى غياب مؤشرات ثقة.
في غضون ذلك، يستمر الخلاف بين البلدين وإن كان بدون توتر، وتؤكد مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لألف بوست أن الخلاف يستمر حول التوقيع على اتفاقية بين البلدين تتضمن إحالة فرنسا الشكايات بالمسؤولين المغاربة على القضاء المغربي.
وتفرض الحكومة الفرنسية التوقيع على هذه الاتفاقية لسببين، الأول أن المغرب وفرنسا وقعا على اتفاقية مناهضة التعذيب، وبالتالي الاتفاقيات الثنائية لا تأثير لها نهائيا بحكم سمو الاتفاقيات الدولية، وكانت هناك محاولات بين دول ثالثة ولم تنجح. والسبب الثاني هو رفض القضاء والبرلمان لأي اتفاقية لأن الأمر يتعلق بفرنسيين وإن كانوا من أصول أجنبية تلتزم فرنسا بحمايتهم وخاصة في ملفات التعذيب.