تبدي لندن قلقها من التنسيق الإسباني الأرجنتيني للضغط عليها لفتح مفاوضات حول استعادة كل من صخرة جبل طارق بالنسبة لمدريد وجزر المالوين بالنسبة لبوينوس أيرس، وهو تنسيق سيضع بريطانيا في موقف صعب للغاية. وتجري هذه التطورات في وقت سحب المغرب من أجندته موضوع سبتة ومليلية المحتلتين ولم يعد يتحدث عنه بل هناك أوامر لتفاديه لعدم إغضاب اسبانيا.
وكان وزير خارجية اسبانيا منويل غارسيا مارغايو قد اتفق مع نظيره الأرجنتيني هيكتور تيمرمان الأسبوع الماضي بشأن التنسيق بين البلدين للضغط على لندن في ملفي صخرة جبل طارق وجزر المالوين. وترغب الأرجنتين في تنسيق قوي بينما تفضل مدريد تنسيقا خفيفا لا يجعل العلاقات مع لندن تتوتر.
ومهما كان نوع التنسيق، فقد تساءلت الصحافة البريطانية الأسبوع الماضي عن التأثير الذي سيلحقه التنسيق بين اسبانيا والأرجنتين بصورة بريطانيا دوليا في ضغطهما لاستعادة صخرة جبل طارق وبوينوس أيرس, واعتبرت أن لندن قد تجد صعوبات سواء في الاتحاد الأوروبي وأساسا في منطقة أمريكا اللاتينية في حالة ملف جزر المالوين حيث تحظى الأرجنتين بتأييد سياسي حقيقي من طرف شركائها في المنطقة وحيث توجد حكومات يسارية ترغب في تصفية مخلفات الماضي الاستعماري.
وتجري هذه التطورات بينما فضل المغرب حذف المطالبة بسبتة ومليلية من أجندته الدبلوماسية. ولم يعد الملك محمد السادس يتحدث في خطاباته عن استعادة المدينتين رغم أنه التزم سنة 2007 بسن خطة لاستعادتهما.
ومنذ وصلها الى السلطة، تجنب حكومة عبد الإله ابن كيران الحديث عن سبتة ومليلية بشكل لم تقم به اي حكومة مغربية أخرى منذ الاستقلال. ورغم أن اسبانيا والأرجنتين تحدثا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن صخرة جبل طارق وجزر المالوين، فقد فضل المغرب تفادي الحديث عن سبتة ومليلية في الأمم المتحدة.
ويعتبر قرار المغرب مثيرا للغاية، ويبدو أن أمر تفادي الحديث عن سبتة ومليلية يتعدى المجال الملكي والحكومي الى الأحزاب السياسية التي يبدو وكأنها توصلت بتوصيات تطلب منها تفادي الحديث علانية عن سبتة ومليلية.
ولم تقدم الحكومة ولا المؤسسة الملكية ولا الأحزاب تفسيرا لهذا الصمت الذي يحدث لأول مرة منذ استقلال المغرب.
ويبقى التفسير الوحيد هو أن المغرب وفي ظل فقدانه الدعم السياسي من دول مثل الولايات المتحدة في نزاع الصحراء، يفضل الصمت على ملف سبتة ومليلية لجلب تعاطف مدريد خاصة وأن اسبانيا ستكون عضوا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ابتداء من السنة المقبلة.