تحاول اسبانيا نقل تجربة التعاون في المجال الأمني والاستخباراتي مع المغرب في مواجهة ظواهر مثل الهجرة السرية والإرهاب والإجرام المنظم الى اتفاقيات مشابهة تجمعها كذلك بالجزائر. وتهدف اسبانيا من وراء هذا بناء استراتيجية أمنية تكون بمثابة طوق أمني لحدودها الجنوبية.
وزار مدير الشرطة الجزائرية عبد الغني هامل العاصمة مدريد هذه الأيام والتقى بمسؤولين من اسبانيا على مختلف المستويات، وتتجلى أهمية زيارته في الأهداف الأمنية التي تتوخاها الدولة الإسبانية من الجزائر أو تبادل المصالح الأمنية. وجرى توقيع اتفاقيات تعاون متعددة في المجال الأمني والاتفاق على تنسيق مستمر بين الطرفين لمواجهة الأخطار المشتركة.
ونجحت اسبانيا في تطوير العلاقات الأمنية مع المغرب خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية والإجرام المنظم بما في ذلك تهريب المخدرات والسيارات من أوروبا نحو المغرب. وترى اسبانيا أن أمنها الجنوبي مرتبط كذلك بالجزائر وإن كانت أهمية المغرب أكبر في هذا الشأن بسبب القرب الجغرافي، ولهذا تهدف الى اتفاقيات أمنية مع الجزائر شبيهة بتلك التي وقعتها مع المغرب.
وتراهن اسبانيا على الجزائر في ملف الإرهاب أكثر من الهجرة، وذلك خوفا من تداعيات مالي وتسربات إرهابية من ليبيا عبر الشواطئ الجزائرية. وعمليا، عادة ما يركز الإسبان على مالي مصدرا للخطر الإرهابي عبر التراب الجزائري المحذق بهم.
وتقوم الاستراتيجية الأمنية الإسبانية، جزء منها مطبق والآخر مرتقب، على درع وقائي أو طوق أمني في الجنوب من خلال اتفاقيات مع المغرب والجزائر وموريتانيا في علاقاتها بجزر الكناري لتكون هذه الدول السور الأول في مواجهة الهجرة السرية والإرهاب. وعمليا، ساهمت دوريات الحراسة المغربية والجزائرية والموريتانية في وقف ملفت للهجرة السرية “قوارب الهجرة” من شواطئ هذه الدول نحو الشواطئ الإسبانية سواء في الأندلس أو جزر الكناري في المحيط الأطلسي.
لكن اسبانيا تعاني من غياب تفاهم مغربي-جزائري شامل في المجال الأمني المتأثر بالأزمة السياسية الطويلة بين البلدين، الأمر الذي يحد من سياستها (اسبانيا) الأمنية ويقلل من فعاليتها وتضطر في بعض الأحيان الى التنسيق بين البلدين بطريقة غير مباشرة في ملفات إرهابية متشعبة تشمل شبكات جزائرية-مغربية-اسبانية لتهريب مقاتلين أو الإجرام المنظم.