نبه الملك محمد السادس الرأي العام المغربي والقوى السياسية الى حساسية ملف الصحراء، وهذا التنبيه يأتي في فترة وجيزة للغاية بعدما كان الحديث عن الصحراء في خطاب العرش الأخير تفائليا. فماذا وقع طيلة شهر واحد جعل ملك البلاد ينتقل من لغة التفاؤل الى لغة التنبيه والتحذير؟ كل المؤشرات تشير الى أن السبب الرئيسي هو تطورات دولية على رأسها الموقف الأمريكي والبريطاني غير الودي تجاه الموقف المغربي.
وقال الملك محمد السادس خلال خطاب عيد العرش الأخير ” لقد تم تحقيق المزيد من التعاطف الدولي مع قضيتنا الأولى، على أساس الإلمام بحيثيات وملابسات وحدتنا الترابية. الأمر الذي يتجلى في الدعم المتنامي لمبادرتنا الوجيهة، المتمثلة في الحكم الذاتي”، وبعد مرور وقت وجيز عاد الملك ليقول في افتتاح البرلمان المغربي ما يلي” إن الوضع صعب، والأمور لم تحسم بعد، ومناورات خصوم وحدتنا الترابية لن تتوقف، مما قد يضع قضيتنا أمام تطورات حاسمة”.
ويتبين من خلال الفقرتين التحول الكبير من التفاؤل الى التحذير والتنبيه للمسار الذي يمكن أن يأخذه ملف الصحراء خلال الشهور المقبلة. هذا التحول المفاجئ ينبئ بوقوع تطورات لا تصب في مصلحة المغرب توصل إليها الملك محمد السادس.
وعمليا، غلب التفاؤل دائما على خطابات الملك رغم أن نزاع الصحراء يشهد تطورات سلبية للغاية منذ ثلاث سنوات بسبب الاستراتيجية التي قامت بها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر، لكن ومنذ خطاب العرش الأخير وحتى الآن، وقعت التطورات التالية التي دفعت الملك الى التأكيد على ما ورد في خطابه “الوضع صعب، والأمور لم تحسم…..مما قد يضع قضيتنا أمام تطورات حاسمة”.
وأبرز هذه العوامل التي رصدتها ألف بوست وكذلك حصلت على بعضها من مصادر عليمة بالملف خاصة في واشنطن:
في المقام الأول، الموقف الأمريكي المتصلب تجاه المغرب على مستوى شجب ما يجري من خروقات حقوق الإنسان في الصحراء، ثم على مستوى دعم تقرير المصير. وفي هذا الصدد، يلتقي الكونغرس الأمريكي مع الإدارة الأمريكية، فالكونغرس أسس لجنة لدعم البوليساريو والإدارة الأمريكية تجد بها مستشارة الأمن القومي سوزان رايس التي تؤيد البوليساريو. وأبلغت واشنطن المغرب بأنها قد تعيد طرح مقترح مراقبة قوات المينورسو لحقوق الإنسان خلال القرار المقبل لمجلس الأمن.
في المقام الثاني، عدم ليونة دولة مهمة في القرارت الدولية وهي بريطانيا التي بدورها تشدد على حقوق الإنسان وتقرير المصير، وقد فشل المغرب طيلة السنوات الأخيرة في تليين موقف لندن سواء مع حزب العمال أو حزب المحافظين.
في المقام الثالث، الفتور التدريجي لفرنسا في الدفاع عن مقترح الحكم الذاتي بحكم رهان باريس على إيجاد توازن في سياستها تجاه المغرب والجزائر، ولن يتم هذا بدون التقليل من دعم المغرب سياسيا ودبلوماسية في هذا الملف.
في المقام الرابع، احتمال موقف متصلب من الأمم المتحدة في حقوق الإنسان سيكون مرتبطا بالموقف الأمريكي.
وأخيرا، تزايد ضغط المجتمع الدولي على المغرب في نزاع الصحراء، حيث وقف المسؤولون المغاربة في أشغال الجمعية العامة وفي اشغال لجنة تصفية الاستعمار كيف تميل الكفة الى تقرير المصير ودعم البوليساريو.