لم يشهد المغرب غيابا ملحوظا لأي وزير أول سابق مغربي في العلاقات الخارجية مثل الغياب المثير حاليا لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران. وهذه مفارقة كبيرة بحكم أن الدستور الجديد يمنح صلاحيات كبيرة لرئيس الحكومة ومنها في العلاقات الدبلوماسية إلا أن الحالي لا يستغلها ويترك الملفات الخارجية للقصر.
ورغم اعتبار الخارجية من ملفات السيادة في المغرب بامتياز التي يتولاها القصر أساسا، خاصة في عهد الملك الحسن الثاني الذي كان يولي الدبلوماسية اهتماما استثنائيا، إلا أنه كان يترك مجال التحرك لرؤساء الحكومات (الوزير الأول وفق الدستور القديم). وحافظ وهو التقليد الذي حافظ عليه الملك محمد السادس مع رؤساء حكومات خاصة عبد الرحمان اليوسفي وعباس الفاسي.
ويمنح الدستور الجديد لرئيس الحكومة صلاحيات هامة للغاية في مختلف المجالات ومنها في العلاقات الخارجية، لكن عملية جرد للنشاط الدبلوماسي لعبد الإله ابن كيران تكشف غيابا له في العلاقات الخارجية مقارنة مع رؤساء الحكومات السابقين.
وباستثناء زيارة غير رسمية الى اسبانيا، وعقد قمة اسبانية-مغربية، لم يسبق لرئيس الحكومة ابن كيران أن حظي باستقبال رسمي في دولة غربية في إطار قمة ثنائية، ولم يتم توجيه أي دعوة له.
في الوقت نفسه، لم يقدم رئيس الحكومة خدمات دبلوماسية كبرى للمغرب في ملفات شائكة مثل نزاع الصحراء، حيث يلاحظ غيابه حتى على مستوى التصريحات، ولم يشارك في بلورة حلول للنزاع القائم بين الرباط والاتحاد الأوروبي حول ملفات منها الملف الزراعي.
وهناك عامل آخر ساهم أكثر في غياب ابن كيران خارجيا، مقارنة مع سابقيه في المنصب، ينتمي الحزب الاشتراكي الى الأممية الاشتراكية، ولهذا فقد قدم عبد الرحمان اليوسفي عندما كان وزيرا أولا الكثير للعلاقات الخارجية ومنها الصحراء في أمريكا اللاتينية. وتكرر السيناريو نفسه مع عباس الفاسي بحكم انتماء حزب الاستقلال الى الأحزاب اليمينية. بينما لا ينتمي حزب العدالة والتنمية الى أي تجمع حزب عالمي على شاكلة الأممية الاشتراكية، حيث يمكنه تقديم خدمات لملفات المغرب الخارجية.
وبهذا، تكون الدبلوماسية من المجالات التي سجلت تراجعا في ارتباطها برئيس الحكومة رغم الصلاحيات التي يمنحها له الدستور الجديد، وأصبح ابن كيران وكأنه لا يتوفر على تأشيرة دبلوماسية في جواز سفره.