يعتبر المغرب من الدول القليلة في العالم الذي لا يملك خريطة سياسية وسيادية مستقرة بسبب مخلفات الاستعمار سواء في شمال البلاد أو جنوبه. ومن ضمن الإشكاليات الموجودة حاليا ويلفها الصمت منطقة لكويرة التي تعتبر نظريا مغربية ولكنها توجد تحت سيطرة موريتانيا. ويبقى التساؤل هل هو تواجد أبدي بمفهوم استعماري أم مؤقت لاسيما في ظل وجود شعار “من طنجة الى لكويرة”
وقليلة هي دول العالم التي لديها مشاكل في الخريطة السياسية والسيادية الناتجة عن الاستعمار بينما توجد أخرى لديها مشاكل في خريطتها بسبب ارتفاع النزاعات الانفصالية القومية. ويعاني المغرب من الأمرين، فمن جهة، يعاني من مخلفات الاستعمار ولعل أبرز عنوان هو موضوع سبتة ومليلية والجزر المحتلة، ومن جهة، تنازعه جبهة البوليساريو السيادة على منطقة الصحراء.
ويوجد في الوقت ذاته، موضوع لكويرة في الصحراء، وتأخذ هذه المنطقة بعدها الأسطوري من الشعار الذي يرفعه المغاربة “من طنجة الى لكويرة”، وتقع لكويرة أقصى جنوب الصحراء وكانت مدينة أقامها الإسبان في أوائل القرن العشرين لتتحول الى مركز اقتصادي منفتح على موريتانيا، ولكنها ستشهد هجرة شبه كاملة.
لكن لكويرة في الوقت الراهن ومنذ مدة طويلة توجد تحت الإدارة الموريتانية منذ الثمانينات تقريبا، ويقتصر الوجود المغربي فقط على المياه الإقليمية للكويرة وإنشاء عمالة تحمل هذا الإسم ولكن يوجد مقرها في الداخلة. ووضعية لطويرة شائكة منذ انحساب موريتانيا من الجزء الجنوبي من الصحراء بسبب الحرب مع البوليساريو.
ورغم غياب تواجد بشري مكثف في لكويرة باستثناء الصيادين وإن كانت في السنتين الأخيرتين تشهد نوعا من التوطين، تعزز موريتانيا من وجودها في لكويرة، وفصلتها برا عن باقي الصحراء المغربية عبر جدار رملي غير معلن. وتبقى السيادة عليها من المواضيع الصامتة، وإن كانت قد طفت الى السطح مؤخرا بعد الأخبار غير المؤكدة التي تفيد باحتمال إدخال موريتاني قوات من البوليساريو تحت قيادة ضباط موريتانيين.
ويشكل التواجد الموريتاني إشكالا حقيقيا، على المستوى النفسي، فالمغرب كان يعتبر وحتى نهاية الستينات أرضا مغربية، وها هي نواكشوط تتواجد أو تحتل أرضا مغربية، وهذه مفارقة تاريخية ملفتة للنظر.
وسياسيا وسياديا، تطرح وضعية التواجد الموريتاني في لكويرة إشكالا نوعيا، هل يتعلق الأمر بتواجد مؤقت تمليه الظروف الخاصة بمنطقة الصحراء أم ضمت موريتانيا هذه الأراضي الى ترابها بصفة نهائية، وبالتالي قد تشكل مصدر توتر بين الرباط ونواكشوط مستقبلا؟