لجأت إسبانيا إلى المفوضية الأوروبية للوساطة مع الجزائر لتحسين العلاقات بعدما تأثرت سلبا بقرار مدريد الترحيب بالحكم الذاتي في نزاع الصحراء. ويبدو أن مدريد لم تكن تنتظر موقفا متصلبا من الجزائر يصل الى سحب السفير والعمل على إعادة النظر في العلاقات الثنائية.
وكان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش قد بعث منذ شهر برسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس يرحب فيها بمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط حلا لنزاع الصحراء. وكانت تلك الرسالة مقدمة لمصالحة بين مدريد والرباط، حيث قررت الأخيرة إعادة السفيرة إلى إسبانيا وبدء صفحة جديدة من التعاون في ملفات متعددة منها الاقتصادي والاجتماعي مثل محاربة الهجرة السرية.
وفي المقابل، ترتب عن موقف إسبانيا الترحيب بمقترح الحكم الذاتي رد فعل من طرف الجزائر التي سحبت سفيرها ووجهت اتهامات إلى مدريد من ضمنها ما اعتبرته “خيانة الصحراويين”. في الوقت ذاته، أعلنت الجزائر عن تقليل مستوى العلاقات مع اسبانيا وتعزيزها في المقابل مع دول أوروبية جديدة منها إيطاليا أساسا. كما قررت الرفع من أسعار الغاز المصدر إلى إسبانيا، ووقف عمليات استقبال المهاجرين الجزائريين المرحلين من هذا البلد الأوروبي. ومن ضمن القرارات الأخرى، هو رهان الجزائر على إيطاليا لتصدير الغاز إلى أوروبا بدل إسبانيا.
وضمن البحث عن تحسين العلاقات، أوردت جريدة “كونفدنسيال” السبت من الأسبوع الجاري لجوء وزير الخارجية الإسباني مانويل ألباريس إلى ممثل السياسة الخارجية والدفاع في المفوضية الأوروبية جوسيب بوريل للوساطة بعدما رفضت الجزائر الرد على مكالمات هذا الدبلوماسي الإسباني. وتبرز الجريدة الرقمية اجتماع بوريل مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في قطر نهاية الشهر الماضي لمعالجة الأزمة الجزائرية-الإسبانية.
ويبدو أن إسبانيا لم تكن تنتظر الرد الجزائري القوي، وكانت تعتقد أن هذه الأزمة ستكون محدودة مثلما حدث ما بين سنتي 2007-2008. وكان رئيس الحكومة الإسبانية وقتها الاشتراكي خوسي لويس رودريغيث سبتيرو قد رحب بمقترح الحكم الذاتي واعتبره الحل الأفضل، وكان موقفه أكثر تقدما من موقف سانتيش الحالي. واحتجت الجزائر وقتها ورفعت سعر الغاز المصدر إلى إسبانيا بنسبة 20% مستغلة بعض بنود اتفاقية التصدير ولكنها لم تسحب سفيرها بل استمر التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف القطاعات ومنها الاستمرار في تشييد أنبوب الغاز بين الجزائر وجنوب إسبانيا “ميد غاز” الذي عوض أنبوب “المغربي العربي-أوروبا” الذي يمر عبر المغرب وجرى التخلي عنه نهاية أكتوبر الماضي.
وطالبت الجزائر إسبانيا بتوضيحات حول موقفها الجديد من الصحراء، وتبرز مدريد عدم حدوث تغيير جوهري في موقفها بل ترحب بالحكم الذاتي في إطار قرارات الأمم المتحدة وتربط الحل النهائي باتفاق المغرب وجبهة البوليساريو. غير أن هذا الموقف لا يقنع الجزائر كثيرا، وتريد من إسبانيا سحب ترحيبها بالحكم الذاتي لا سيما وأنها القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء.