تشهد إسبانيا يوم الأحد المقبل انتخابات تشريعية هامة للغاية هي الرابعة خلال الأربع سنوات الأخيرة نتيجة غياب الاستقرار السياسي، لكن هذه المرة قد تكون المفاجأة في تقدم اليمين القومي المتطرف إلى المركز الثالث بخطابه العنصري، الأمر الذي جعل الكثير من المثقفين وليس فقط السياسيين يتصدون لخطابه المقيت.
وكانت إسبانيا قد شهدت انتخابات تشريعية خلال أبريل/نيسان الماضي، وفاز بها الحزب الاشتراكي لكنه عجز عن تشكيل الحكومة بسبب عدم التفاهم مع الحزب اليساري بوديموس ولا مع الليبرالي إسيودادانوس، الأمر الذي دفع نحو انتخابات جديدة، هي الرابعة خلال الأربع سنوات.
ويعود غياب الاستقرار السياسي إلى اقتحام أحزاب جديدة المشهد السياسي، فقد سيطر كل من الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي المحافظ على الحياة السياسية طيلة الأربعين سنة الأخيرة، لكن اقتحام كل من حزب بوديموس وحزب إسيودادانوس المشهد السياسي خلال الأربع سنوات الأخيرة أنهى القطبية الحزبية.
وأضيف حزب جديد إلى المشهد السياسي هو حزب “فوكس” القومي المتطرف بأطروحاته العنصرية تجاه المهاجرين ودفاعه المستميت عن إسبانيا على النمط الكلاسيكي القديم. ونشرت الصحافة المحلية هذه الأيام ملخصا لمختلف استطلاعات الرأي التي أنجزتها معاهد متعددة خلال الأسابيع الأخيرة، وكشفت عن تقدم مقلق لحزب فوكس. فقد منحت استطلاعات الرأي للحزب الاشتراكي المركز الأول بحوالي 28%، يليه الحزب الشعبي بحوالي 21%، ثم حزب فوكس بقرابة 13%، ثم حزب بوديموس اليساري بـ12%، وتراجع حزب إسيودادانوس إلى 10%. ويبقى حزب فوكس هو الذي حقق تقدما ملفتا من أقل من 10% إلى 13% مقارنة مع الانتخابات الأخيرة بل ومقارنة مع شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
يرتكز حزب فوكس في خطابه السياسي إلى نقطتين رئيستين، الأولى هي مواجهة الأحزاب التي يعتبرها انفصالية في كتالونيا وبلد الباسك ويطالب بتعليق الحكم الذاتي في مجموع إسبانيا والعودة إلى الدولة المركزية القوية ولو تطلب الأمر إعلان حالة الاستثناء. بينما النقطة الثانية هي الهجرة وأساسا الهجرة المغربية التي يعتبرها خطرا على الهوية الإسبانية. ويقدم في هذا الصدد معطيات وأرقاما مهولة حول ما يعتبره تورط المهاجرين في الإرهاب والإجرام المنظم وفرض تقاليد جديدة على “إسبانيا المسيحية”. وخلال لقاء في مدينة سبتة المحتلة مساء الخميس من الأسبوع الجاري، قال أحد مرشحي الحزب: “سنبني جدارا كبيرا في الحدود مع المغرب، وسننهي أي مساعدة مالية للرباط إذا لم تلتزم بتعهدات مكافحة الهجرة السرية”.
وبينما يتماهى الحزب الشعبي وحزب إسيودادانوس مع حزب فوكس في أطروحاته ولو بشكل محتشم، تقوم أحزاب أخرى مثل حزب بوديموس على الخصوص بمواجهة سياسية مفتوحة مع حزب فوكس. وانخرط مثقفون وباحثون في هذه المواجهة، حيث وقع أكثر من 1600 من الباحثين الأكاديميين بيانا يدين توظيف فوكس لدراسات غير علمية في مجال الاقتصاد وعلم الاجتماع والعلوم السياسية أو التلاعب بدراسات أخرى ووضعها في سياق مختلف لتبرير أطروحاته السياسية في قطاعات متعددة لضرب التعايش، ومنها تجريم الهجرة وربط معظم مشاكل البلاد بالمهاجرين.