قررت اسبانيا تخفيض وارداتها من الغاز الجزائر وتفضل الغاز الأمريكي بسبب تراجع الأسعار، وسيؤدي القرار إلى تبعات سياسية هامة منها فقدان الجزائر تأثيرها جيوسياسي في العلاقات مع هذا البلد الأوروبي وآخرين.
وكتبت جريدة الكونفيدينسيال الإسبانية الخميس من الأسبوع الجاري في مقال بعنوان “اسبانيا تتخلى عن حنفية الغاز الجزائري بسبب الأسعار الرخيصة للغاز الأمريكي” أن اسبانيا قد تغير من استراتيجية واردات الطاقة ومنها الغاز. وتشكل الجزائر ومنذ عقود المصدر الرئيسي للغاز الذي تستورده اسبانيا من الخارج وكذلك بعض الدول الأوروبية. ويوجد أنبوبان لضخ النفط الأول ويعود إلى التسعينات ويضخ النفط من الجزائر عبر الأراضي المغربية ثم مضيق جبل طارق فالجنوب الإسباني، والثاني ينطلق من شواطئ غرب الجزائر نحو منطقة ألمرية جنوب هذا البلد الأوروبي.
وكان الغاز مصدر توتر في الكثير من الأحيان بين الطرفين بسبب الأسعار أو توظيفه من طرف الجزائر كسلاح سياسي في مخاطبة اسبانيا لاسيما بعدما أرادت روسيا إنشاء ما يصطلح عليه “أوبيك الغاز” لجعل أسعاره موحدة مثل البترول.
ومنذ شهر مارس الماضي، بدأت الشركات الإسبانية تستورد الغاز من الولايات المتحدة وروسيا عبر السفن لأسعاره الرخيصة، وتعد تكلفة نقله أقل بكثير من الغاز المستورد من الجزائر عبر الأنابيب. وتنشر الجريدة تفضيل الشركات المستوردة رغبتها في تأدية الغرامات للتخلي عن جزء هام من الغاز الجزائري لأن هامش الربح أكبر عندما يتم الاستيراد من روسيا والولايات المتحدة. ومنذ مارس الماضي، أصبحت الولايات المتحدة هي المصدر الأول للغاز لإسبانيا وأزاحت الجزائر التي تحتل هذا المركز منذ أكثر من ثلاثة عقود. وانهارت أسعار النفط مثل انهيار أسعار البترول، بينما الجزائر تحافظ على سعر البيع المتفق عليه إلى إسبانيا دون تخفيض.
ولا تستبعد جريدة الكونفيدينسيال انعكاسات جيوسياسية بسبب هذا التغيير الذي طرأ على قرار اسبانيا تقليص استيراد الغاز من الجزائر والرهان على الولايات المتحدة في حالة ما إذا استمر عليه الوضع مستقبلا. وترى أن العلاقات الدبلوماسية ستتأثر .
ولم تقدم الجريدة توضيحا كافيا للنقطة الأخيرة، ولكن مراجعة العلاقات بين اسبانيا والجزائر سيتوقف حول التوتر الذي يحدث بين البلدين في قضايا إقليمية ومنها نزاع الصحراء الغربية، حيث تحاول الجزائر توظيف الغاز للحيلولة دون تفهم مدريد لأي مبادرة لا تكون تقرير المصير. وحدثت أزمة بين البلدين إبان حكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو عندما أبدى ليونة تجاه المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي للصحراء.