تراقب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الانتخابات الجزائرية باهتمام كبير للغاية ليس فقط لمعرفة الرئيس المقبل، وإن كانت المؤشرات تتحدث عن إعادة انتخاب الحالي عبد العزيز بوتفليقة، بل لمعرفة مدى الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي ستشهده البلاد لأن أوروبا خاصة تراهن على الجزائر لتعويض الغاز الروسي مستقبلا بعد أزمة أوكرانيا. وتتخوف من أن يؤدي كل توتر في هذا البلد المغاربي الى ارتفاع مشاكل الطاقة في أوروبا.
وقد كشفت الأزمة الأوكرانية والصراع الدائر بين روسيا والغرب بزعامة الولايات المتحدة مدى ارتباط القارة الأوروبية بالغاز الروسي. ويجري الحديث عن حلين، الأول وهو الاعتماد على مصادر الغاز الأمريكي ودول أخرى الصخري، وكلفته غالية ولا يمكنه تلبية مطالب الأوروبي على المدى القريب، والثاني يتجلى في تعزيز العلاقات مع دول قد تشكل بديلا نسبيا في الوقت الراهن مثل الجزائر أساسا ونيجيريا وبعض دول أمريكا اللاتينية.
وتوجد كتابات متعددة في الصحافة الأوروبية والجزائرية تعالج هذا الموضوع. وجاء في تقرير لمعهد رسال إلكانو الإسباني المتخصص في الدراسات الاستراتيجية أن الجزائر تشكل بديلا هاما للغاية بحكم قربها من القارة الأوروبية ووجود شبكة مسبقة لتصدير الغاز سواء تلك التي تمر عبر المغرب أو انطلاقا من الشواطئ الجزائرية نحو الجنوب الإسباني وكذلك الإيطالي.
وتتزامن الأزمة الأكرانية وحاجة أوروبا للغاز للتخلي تدريجيا عن ارتباط حاجياتها بروسيا التي تمولها بأكثر من 40% من حاجياتها، وهناك دول تعتمد كليا على روسيا مثل فلندا وإستونيا و24% من واردات المانيا و23% لفرنسا و27% لإيطاليا، مع الأزمة التي تمر منها الجزائر وتحمل مؤشرات “ربيع عربي” بسبب ارتفاع الاحتجاج تدريجيا في البلاد ضد ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الى الانتخابات مجددا “العهدة الرابعة” رغم وضعه الصحي المتدهور واتهامات الفساد لمحيطه.
وعلاوة على معرفة مستوى الاستقرار بعد الانتخابات، تؤكد مصادر مقربة من المفوضية الأوروبية لألف بوست “نرغب في معرفة التوجهات المستقبلية للسياسة الخارجية الجزائرية بشأن “توظيف الغاز”. وتعترف أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد بحث رفع الجزائر من صادراتها من الغاز الى أوروبا خلال زيارته الى الجزائر الأسبوع الماضي.
وتفيد دراسة اسبانية أن الجزائر قادرة في وقت وجيز على تعويض واردات أوروبا ب 50% من الغاز الروسي. وتستورد اسبانيا 50% من الغاز الجزائري وإيطاليا 34% وفرنسا اقل من 10%، ونسب مقاربة بالنسبة لباقي الدول الأوروبية.
المصدر نفسه، يبرز “ندرك العلاقات المتينة بين الجزائر روسيا، ونعرف المفاوضات التي جرت منذ سنوات وتحضر بين الحين والآخر بين موسكو والجزائر ودول أخرى منها قطر من أجل تأسيس أوبيب خاص بالغاز على شاكلة أوبيب النفط، ولهذا نتمنى أن لا تنحاز الجزائر الى مخططات الكرملين ضد أوروبا”.
وكانت القمة الأوروبية التي جرت يوم 22 مارس الماضي قد تبنت مقترحا اسبانيا وبرتغاليا ولرئيس المفوضية مانويل باروسو ينص على ضرورة تطوير شبكة الرباط الغازي بين الدولتين وباقي أوروبا عبر فرنسا. وصرح وقتها رئيس مجلس أوروبا هيرمان فان رومبوي “تعزيز هذا الربط هو إشارة قوية الى روسيا تفيد بأن الاتحاد الأوروبي سيتخلى تدريجيا عن الغاز الروسي”.