الرئيس باراك أوباما في خطابه حول نهاية الحرب ضد الإرهاب
ألف بوست.-تحليل
“هذه الحرب، مثل باقي الحروب، يجب أن تنتهي. هذا ما ينصح به التاريخ وهذا ما تطالب به الديمقراطية”، هذه الكلمات الواردة في خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس من الأسبوع الجاري تعتبر منعطفا في الحرب الدائرة حول الإرهاب، فهي تضع حدا للتوتر الذي ساد العالم وخاصة الغرب مع العالم العربي والإسلامي منذ تفجيرات 11 سبتمبر. والقرار سيلقي بظلاله على عشرات الدول منها المغرب الذي كان قد انخرط في مشاريع مكافحة الإرهاب إبان فترة الرئيس السابق جورج بوش.
وفي هذا الخطاب الهام جدا، طرح باراك أوباما استراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب ترتكز على استمرار ملاحقة تفكيك العصابات الإرهابية ولكن دون الاستمرار في حرب مفتوحة على الإرهاب طالما أن تنظيم القاعدة قد تفكك في معظمه وفقد قدرته القتالية. ولم يستبعد إغلاق السجن الشهير غوانتانامو، معتبرا في الوقت نفسه أن استمرار تعقب الإرهابيين لا يعني أبدا حربا ضد الإسلام. واستبعد أوباما اللجوء الى طائرات بدون طيار لقتل الإرهابيين، وربط كل استعمال لها بأن يشكل الإرهابي خطرا محذقا على الأمن القومي الأمريكي وأن يستحيل القبض عليه.
وتكتب جريدة نيويورك تايمز في افتتاحيتها يوم الجمعة من الأسبوع الجاري أن هذه الإجراءات كان يجب الإعلان عنها منذ سنوات وليس فقط اليوم. ومحقة هذه الجريدة في أطروحتها طالما أن مستوى الإرهاب في العالم قد تراجع منذ سنوات بسبب تفكيك البنيات التحتية للقاعدة. ولعل التوقيت المناسب لخطاب أوباما كان مباشرة بعد اندلاع الربيع العربي حيث انتهت أسطورة القاعدة وزعيمها أوسامة بن لادن.
واستمرار معتقل غوانتانامو المنافي لأبسط القوانين يجعل واشنطن في موقف حرج لتناقضه مع الصورة التي تقدم نفسها بها أمام الرأي العام العالمي كزعيمة للعالم الحر وكمدافعة عن حقوق الإنسان. في الوقت ذاته، استمرار استعمال طائرات بدون طيار يجعل من الولايات المتحدة أقرب الى حقبة الغرب الأمريكي والكوبوي منها الى دولة ترتكز على قوانين واضحة في القرن الواحد والعشرين.
وخطاب أوباما يشكل نهاية حقبة وبداية أخرى في العلاقات الدولية بحكم أن العالم بعد 11 سبتمبر تمحور حول مكافحة الإرهاب. وانخرطت دول كثيرة في هذه الحرب بل وألزمت واشنطن عدد من حلفائها بالانضمام الى الحرب تحت تصور “من ليس معنا، فهو ضدنا”. ولعل فشل الحرب ضد الإرهاب هو استعمالها أساليب غير قانونية مثل الاختطافات والرحلات السرية. وانخرطت دول كثيرة منها المغرب في هذه الحرب مقدمة خدماتها للولايات المتحدة، وفق الكثير من التقارير الحقوقية ووفق وثائق الدبلوماسية الأمريكية التي كشفتها جمعية ويكليكس.
خطاب الرئيس أوباما يتطلب وقتا ليتبلور لاسيما وأنه يحتاج لاتفاق مع الكونغرس، لكنه يبقى منعطفا في العلاقات الدولية. فنهاية الحرب ضد الإرهاب تعني الانتقال الى مرحلة جديدة، ستستمر فيها مكافحة الإرهاب لكنها لن تشكل الموضوع الرئيسي في أجندة العلاقات الدولية، وسيترتب عنها هذا تراجع ثقافة التوتر بين الغرب والعالم العربي والإسلامي لثقافة تفاهم وحوار.