كشفت دراسة أعدتها هيئة حكومية في المغرب أن 827 ألف امرأة مغربية تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عاما، تعرضن مرة واحدة على الأقل خلال الـ12 شهرا الماضية لسلوك “التحرش الجنسي”.
وأفادت المندوبية السامية للتخطيط (هيئة إحصائية حكومية) وفق دراسة أعلنت نتائجها اليوم الثلاثاء، أنه من بين الـ827 ألف حوالي 372 ألف امرأة تعرض لفعل “التحرش الجنسي” بالأماكن العامة و32 ألف منهن بمقرات عملهن، فيما تعرضت 15 ألف فتاة بالمؤسسات التعليمية لأعمال تدخل ضمن نطاق التحرش الجنسي.
وتقدر الدراسة عدد النسوة اللائي يتعرضن لممارسات العنف الجنسي داخل بيت الزوجية في المغرب بحوالي 444 ألف امرأة، وتقول الدراسة أن عدد حالات التحرش الجنسي المسجلة بالأوساط الحضرية مرتفعة عن نظيراتها بالأوساط القروية.
وكان العشرات من النساء قد شاركن في وقفة احتجاجية، الأحد الماضي أمام مبنى البرلمان المغربي، بالعاصمة الرباط (وسط)، ضد العنف ضد النساء.
وكان بسيمة الحقاوي، وزيرة التنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة المغربية، دعت، خلال جلسة برلمانية، الثلاثاء الماضي، الجمعيات الحقوقية والنسوية والأحزاب للنقاش واقتراح “التعديلات الضرورية” على مشروع قانون تقدمت به الحكومة المغربية خلال الشهر الجاري لمحاربة العنف ضد النساء.
ويعاقب مشروع القانون المتورطين في “التحرش الجنسي” بالنساء بالسجن وأداء غرامات مالية، وهو ما أثار جدلا واسعا في الشارع المغربي.
ومنذ عقود ترفع الجمعيات الحقوقية المغربية شعارات تطالب بحماية حقوق النساء، وتحسين أوضاعهن وإلغاء كل أشكال التمييز في حقهن.
وفي عام 2003 صادق البرلمان المغربي على تعديل بنود من القانون الجنائي تشدد عقوبات تجريم “التحرش الجنسي”.
وفي بداية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بادرت الوزيرة حقاوي بطرح مشروع قانون يهدف لمحاربة العنف ضد النساء، بل وتتضمن بنوده عقوبات تجرم التحرش الجنسي ضدهن تصل مدتها إلى خمس سنوات، وهي سابقة من نوعها في البلاد.
وتقول الحكومة المغربية أنها تسعى من خلال هذه الخطة إلى تحسين الأوضاع الحقوقية للمرأة في المغرب، التي “ما زالت تتسم بالهشاشة واللا تكافؤ والإقصاء”، وأن العنف الذي تتعرض له النساء يمثل أحد أشكال “الانتهاك لحقوق الإنسان”.
إلا أن المثير للجدل في مواد مشروع القانون الجديد الذي من المرتقب أن يصوت عليه البرلمان المغربي خلال دورته القادمة، سنه لعقوبات تصل إلى الحبس في حق من يتعرض للنساء بالتحرش الجنسي في الشارع العام.
ويعرف مشروع القانون المدان بجريمة التحرش كل من قام “بالإمعان في مضايقة الغير في الفضاءات (الأماكن) العمومية بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية”، ويٌعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين، وأداء غرامة مالية تتراوح ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف درهم مغربي (120 دولارا و360 دولارا على الترتيب).
وتضاعف هذه العقوبة “إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية”، بحسب مشروع القانون.
غبر أن عددا من المنظمات الحقوقية النسوية في المغرب التي احتجت على عدم إشراكها في صياغة هذا القانون الجديد، اعتبرت أن مسودته تعتريها عدد من النواقص.
في المقابل، تتزايد الضغوط على الحكومة من أجل تغيير بعض القوانين التي تقول ناشطات حقوقيات إنها تمس بكرامة المرأة، وفي مقدمتها القانون الجنائي وفصله 475 الذي كان يسمح بتزويج المغتصبة من المعتدي عليها، مما قد يعفي المعتدي من العقاب.
هذا القانون وجهت إليه انتقادات شديدة، خاصة بعد انتحار الفتاة أمينة الفلالي العام الماضي، بعد إجبارها حسب هذه المنظمات الحقوقية على الزواج من مغتصبها.
وأعلنت الحكومة في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي عن قرارها بإلغاء هذه المادة وتحديد عقوبة الاغتصاب بالسجن 30 عاما بدلا عن خمس سنوات .
وفيما تطالب النساء في المغرب برفع تمثيلهن في مراكز صناعة القرار، وتولي المناصب العليا في البلاد، التحقت بالتشكيلة الحكومية الجديدة التي نصبها العاهل المغربي الملك محمد السادس في 11 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خمس وزيرات، لترتفع تمثيلية النساء في الحكومة إلى ست وزيرات، وهو ما تقول السلطات المغربية “أنه يعكس الأهمية التي توليها لإشراك النساء في الشأن السياسي”.