ارتفعت الهجرة المغربية عبر قوارب الموت، وخاصة من منطقة الريف، خلال شهر أيلول/ سبتمبر الجاري بشكل لافت للغاية نحو شواطئ إسبانيا، وتراجعت هجرة الأفارقة، ومن المنتظر التسبب في مزيد من البرودة في العلاقات بين الرباط ومدريد.
وقامت مصلحة الإنقاذ البحري الإسباني في يوم واحد، وهو الخميس من الأسبوع الجاري، بإنقاذ 243 شخصًا أغلبهم مغاربة في مياه إقليمي غرناطة وألمرية شرق الأندلس فقط، بينما وصلت قوارب أخرى إلى شاطئ مضيق جبل طارق الممتدة ما بين الجزيرة الخضراء إلى قادش ثم منطقة مالقا شرقًا، وهذا يعني تجاوز 400 مهاجر في يوم واحد. ويتعلق الأمر بالقوارب التي يجري رصدها واعتراض المهاجرين، بينما هناك قوارب أخرى لا يتم رصدها وينجح المهاجرون في التسلسل إلى إسبانيا، ما يجعل الرقم يتضاعف.
ويبقى الجديد في ظاهرة الهجرة هو تراجع هجرة مواطني جنوب الصحراء مثل الماليين والسنغاليين، بعدما قامت السلطات المغربية بترحيل الآلاف منهم من شمال البلاد إلى جنوبه في ظروف أثارت احتجاج بعض الجمعيات الحقوقية. وفي المقابل يحدث ارتفاع الهجرة المغربية بشكل لافت.
وكانت نسبة المغاربة ضعيفة خلال السنوات الأخيرة، إذ أقنعت الأزمة الاقتصادية التي مرت بها أوروبا أغلب المغاربة بعدم الرهان على الهجرة، لكنها عادت في بادئ الأمر عبر تركيا واليونان، والآن تستعيد حجمها الذي كانت عليه في بداية العقد الماضي من شواطئ المغرب نحو الأندلس.
وتعج شبكات التواصل الاجتماعي بأشرطة الهجرة المغربية نحو سواحل إسبانيا، والبعض منها ينقل عملية الهجرة مباشرة عبر «لايف» في «فيسبوك». وتميزت الهجرة هذه المرة بعدم اقتصارها على الشباب الذكور، بل الإناث والنساء وحتى بعض الأطفال الصغار في بعض الأحيان. ولم تعد مراكز إيواء المهاجرين قادرة على استيعابهم، كما لا تستطيع إسبانيا ترحيلهم إلى المغرب دفعة واحدة بحكم أن السلطات المغربية لا تقبل أكثر من 30 شخصًا مرحلًا في اليوم.
ويتصدر شباب منطقة الريف الهجرة الجديدة هذه الأيام، ما يعطي للهجرة هذه المرة طابعًا خاصًا يقترب من السياسي، بحكم أن نسبة منهم يطلبون اللجوء السياسي في إسبانيا وباقي الدول الأوروبية، مبررين طلبهم بالملاحقة القضائية والعنف في منطقة الريف جراء الحراك الشعبي. وكان القضاء المغربي قد أصدر أحكامًا عنيفة في حق نشطاء الريف بلغت 20 سنة سجنًا مثل حالة الزفزافي. وعلى الرغم من ثناء إسبانيا على المغرب في مكافحة الهجرة السرية إلا أن بعض الأوساط السياسية والأمنية في هذا البلد الأوروبي تتساءل عن السر في ارتفاع هذه الموجة الحالية من قوارب الهجرة بشكل كبير وفي ظرف زمني قياسي بعدما كان المغرب يقيم حراسة مشددة على شواطئه. وتتعدد الأجوبة أو بالأحرى التأويلات وتصب في ممارسة المغرب ضغطًا على أوروبا لكي تسهم معه في تمويل مكافحة الهجرة.
المغاربة وخاصة من الريف يعوضون الأفارقة في هجرة قوارب الموت نحو اسبانيا
ارتفعت الهجرة المغربية عبر قوارب الموت