وصول الشيخ تميم الى العرش سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين المغرب وقطر بعد عقدين من الجفاء والتوتر

الشيخ تميم بن حمد آلثاني مستقبلا الملك محمد السادس خلال زيارته الأخيرة الى قطر

يحمل قرار تنحي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن العرش لصالح ابنه الشيح تميم بن حمد آلثاني تطورات في العلاقات القطرية مع مختلف دول العالم العربي. في هذا الصدد، قد تعرف العلاقات المغربية-القطرية قفزة نوعية مع وصول الحاكم الجديد بعد قرابة عقدين من الجفاء المتواصل.

وكان لأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الذي تنازل عن العرش اليوم رسميا موقفا سلبيا من المؤسسة الملكية المغربية وامتد الى العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين التي لم تشهد نهائيا منذ أواسط التسعينات مرحلة من التفاهم بل فقط الحذر والتجاهل أحيانا.

ويعود الجفاء بين المغرب وقطر الى موقف الحسن الثاني الذي ندد بالانقلاب الأبيض الذي نفذه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ضد أبيه خليفة آل الثاني في فبراير 1995 عندما كان يتواجد في زيارة في الخارج. ورفض الملك الحسن الثاني استقبال الأمير الجديد لقطر واعتبره ابنا عاقا.

ولم يتردد أمير قطر الجديد وقتها في سن سياسة جديدة غير مسبوقة في العالم العربي عبر توظيف الإعلام والاستثمارات إعطاء مكانة خاصة لنفسه في المجتمع الدولي والانتقام من الزعماء العرب الذي رفضوا الاعتراف به. وعلاقة بالمغرب،  نهجت إدارة حميد بن خليفة ما يلي:

-سياسة إعلامية مقلقة للمؤسسة الملكية من خلال إعطاء الكلمة لزعماء المعارضة وإعطاء الكلمة للبوليساريو، إذ لأول مرة وبشكل كبير يتعرف الرأي العام العربي على وجهة مختلف لنزاع الصحراء بعدما بدأت القناة تستضيف زعماء الجبهة.

-اقتصاديا، امتنعت قطر عن توجيه استثمارات الى المغرب، كما تحفظ المغرب على الكثير من مبادرات الاستثمار رغم حاجته إليها. ويدخل في هذا الإطار  ما يتم اعتباره عراقيل الإدارة المغربية لكي لا تفوز شركة قطر للاتصالات بنسبة 53% من حصة فيفاندي في ماروك تيليكوم، الأمر الذي دفعها الى الانسحاب خلال الشهر الجاري.

سياسيا، لم تتردد قطر في تبني مواقف معارضة للمغرب في بعض المؤتمرات الدولية والرهان على التنسيق مع الجزائر في مناسبات متعددة على حساب المغرب. وكان تصويت قطر لألمانيا لتنظيم كأس العالم 2006 لألمانيا وليس للمغرب نكسة للعلاقات الثنائية تسببت في الكثير من التوتر.

ورغم مجيئ الملك محمد السادس الى العرش وزيارة أمير قطر شيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى المغرب السنة الماضية وكذلك زيارة الملك حمد السادس للدوحة منذ شهور فقط، بقيت العلاقات في دائرة الاحتشام والحذر. ومن باب المقارنة، تعتبر قطر الدولة الثانية التي وقعت للمغرب مشاكل معها بعد الجزائر.

وقد يشكل وصول الشيح تميم بن حمد آلثاني الى العرش منعطفا نسبيا في العلاقات بين المغرب وقطر لأسباب متعددة، وابرزها:

-رؤية مختلفة للأمير الجديد لقطر تختلف عن رؤية أبيه، فهو لا يطمح لزعامة العالم العربي ولا يتنبى سياسة الانتقام التي نهجها سلفه في العرش بسبب الجفاء الذي لقيه من طرف بعض الحكام وعلى رأسهم الملك الحسن الثاني. ولهذا، فقد ينهج سياسة مختلفة تتسم بالاعتداء والتوازن وتميل الى التنسيق مع الأنظمة الملكية.

-وعلاقة بالنقطة الأخيرة، الشيح تميم بن حمد آلثاني تجمعه علاقات وطيدة بأحد أفراد العائلة الملكية وكذلك بالملك محمد السادس، حيث مارسا التزحلق في إيفران، وصلى وراء الملك في مسجد النجير في المدينة نفسها في فبراير 2009 ويتردد على المغرب بين الحين والآخر.

كل هذه مؤشرات توحي باحتمال قوي دخول العلاقات المغربية-القطرية وترك قرابة عقدين من الجفاء والتوتر. وكان الملك محمد السادس أول المهنئين للأمير الجديد لقطر، ووجه له دعوة لزيارة المغرب.

Sign In

Reset Your Password