ساد تعاون بين المغرب واسبانيا في مجال مكافحة الهجرة الإفريقية غير النظامية، ولم يعد الملف مصدر توتر بين البلدين كما كان يحدث في الماضي، لكنه يحضر مجددا ويأخذ بعدا دوليا نتيجة الجدل السياسي حول وفاة 14 مهاجرا سريا في المياه الفاصلة بين إقليم تطوان ومدينة سبتة المحتلة.
وصباح الخميس من الأسبوع الماضي، حاول مئات المهاجرين الأفارقة اقتحام المعبر الحدودي الفاصل بين الفنيدق ومدينة سبتة المحتلة، وراهن بعض المهاجرين على المرور عبر الشاطئ، وفشلوا في هذه المحاولة، وكانت الحصيلة ثقيلة جدا، وهي غرق 12 مهاجرا سريا، وجرى منذ يومين انتشال جثة اخرى فيما عُثر اليوم السبت على جثتين اخريتين لمهاجرين من جنوب الصحراء.
وغرق أغلب المهاجرين في المياه المغربية بينما جرى انتشال خمسة إلى حدود اليوم في مياه سبتة. واعتبرت الدولة الإسبانية أنها نفذت القانون خلال التصدي للمهاجرين وخلال ترحيل من نجح منهم العبور بحرا الى سبتة.
لكن هذا الملف أخذ بعدا مثيرا نتيجة تنديد الجمعيات الحقوقية ومنها الدولية مثل هيومن رايت واتش ومنظمة العفو الدولية علاوة على الإسبانية التي اعتبرت أن وقوع الغرقى جاء نتيجة استعمال الحرس المدني للرصاص المطاطي، مما قد يكون تسبب في غرق مجموعة من المهاجرين.
وتوجد الحكومة تحت ضغط سياسي وإعلامي هائل. ومثل وزير الداخلية خورخي فيرناديث أمام البرلمان، واعترف باستعمال الحرس المدني الرصاص المطاطي بعدما كان مدير هذا الجهاز الأمني قد نفى ذلك، ثم اعترف بطرد المهاجرين الأفارقة الذين تسربوا الى سبتة الى المغرب رغم أن القانون الإسباني يمنع ذلك.
وتدخلت المفوضية الأوروبية في هذا الملف، واعتبرت على لسان المسؤولة عن الشؤون الداخلية سيسيليا مالستروم أن “أطلاق الحرس المدني الرصاص المطاطي على المهاجرين الأفارقة في البحر قد يكون فاقم من هذه المأساة”، وطالبت الحكومة الإسبانية بشفافية أكثر دون استبعاد عقوبات ضدها.
وبدأ هذا الملف يكبر تدريجيا وأخذ بعدا دوليا سواء عبر تدخل الاتحاد الأوروبي أو عبر اهتمام الصحافة الدولية به باستثناء اهتمام محدود من الصحافة المغربية. وقد يتطور الى فتح تحقيق سياسي بين المغرب والاتحاد الأوروبي واسبانيا لتوضيح هذه المأساة، وهو التحقيق الذي تطالب به المنظمات الحقوقية الدولية.