هل نجح المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في مراكش: الجواب في المقارنة مع منتدى البرازيل

مقاطعة الجمعيات الحقوقية منحت للمنتدى بعده العالمي الذي افتقده في التنظيم ويغبا أسماء دولية

انتهى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دورته الثانية في مراكش، ويختلف التقييم بشأن نجاحه من فشله. وساهمت عوامل مغربية محضة تصل الى حسابات ضيقة وأخرى دولية  موضوعية في عدم تحقيقه الإشعاع المرجو منه. وتفيد المقارنة بين المنتدى الأول في البرازيل والثاني في مراكش للوقوف على النجاح من عدمه.

وأصبحت حقوق الإنسان موضوعا رئيسيا في أجندة العلاقات الدولية، حيث تلعب المنظمات الدولية الكبرى مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش دورا بارزا في القرارات الحقوقية الدولية التي تحمل انعكاسات. في الوقت ذاته، أصبح تكتلات كبرى مثل الاتحاد الأوروبي يربط الاتفاقيات بمدى احترام حقوق الإنسان، وهنا يجب التفريق بين البرلمان الأوروبي الذي يكون صارما في هذا الملف وبين الحكومات التي تراعي مصالحها وتكون لينة الى مستوى التآمر في بعض الأحيان.

ويوظف المغرب حقوق الإنسان في سياسته الخارجية وكذلك على المستوى الوطني. وهنا تفيد خطابات الملك وباقي المسؤولين من وزراء وموظفين سامين في فهم أعمق لهذه الاستراتيجية. ويهدف المغرب الى هدفين، الأول وهو الرد على جبهة البوليساريو دوليا التي جعلت من حقوق الإنسان سلاحا قويا في مواجهة المغرب في المنتديات الدولية، بينما الهدف الثاني يدخل في إطار الماركتينع بالقول بمغرب يحترم حقوق الإنسان.

وتفاديا لتعابير مثل الفشل، فالتقييم الأقرب للواقع، وفق معيار ألف بوست،  يحب أن يعتمد على المقارنة بين منتدى البرازيل خلال ديسمبر 2013 الذي كان النسخة الأولى ومنتدى مراكش خلال نوفمبر 2014 الذي يعتبر النسخة الثانية.

ولعبت عوامل موضوعية في إنجاح ملتقى البرازيل مقارنة مع مراكش. فقد احتضنت أمريكا الجنوبية ملتقى البرازيل واعتبرته حدثا إقليميا ويتجلى هذا في حضور رؤساء ووزراء من أمريكا اللاتينية. وجاء المنتدى تعبيرا عن نهوض شبه قارة بالكامل وتكتل ضخم يضع بصماته في الساحة الدولية اقتصاديا وسياسيا وثقافيا والآن حقوقيا. في المقابل، يجد المغرب نفسه وحيدا، إذ رغم طابع العالمية للمنتدى، فإقليميا لم يحظى بدعم من المغرب العربي المجمد وقاريا لا يعتبر عضوا في الاتحاد الإفريقي.

وارتباطا بهذا، فقد شهد منتدى البرازيل أسماء بارزة من عالم المجتمع المدني والسياسي والفن ومشاركة مكثفة من الخارج وفق لائحة الجمعيات والشخصيات التي نشرها منتدى البرازيل. في المقابل، بقي منتدى مراكش فقيرا من الأسماء الدولية المعروفة ولم ينشر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الجهة المنظمة، لائحة بأسماء الجمعيات والشخصيات الأجنبية التي حضرت.

واستفادت البرازيل من صورتها كدولة تحترم حقوق الإنسان وتنادي بها في المنتديات الدولية، بينما يقترن اسم المغرب حقوقيا على المستوى الدولي بصورة سلبية بحكم التقارير الدولية وتوصيات منظمات مثل الأمم المتحدة والجماعات الحقوقية الدولية التي تعتبر مرجعا في هذا الشأن. وإذا كانت الدولة وعلى رأسها الملك محمد السادس قد بدأ يتخلى عن التصريحات البروتوكولية في ملف الصحراء ويطالب بموقف واضح من الولايات المتحدة مثلا، ففي ملف حقوق الإنسان تستمر لعبة الغميطة، حيث يبحث مسؤولو الإعلام عن تصريحات بروتوكولية للتغطية حول حقوق الإنسان في المغرب!

وفي علاقة بعامل ذاتي، اعتبرت البرازيل المنتدى قفزة حقيقية للبلاد ولكن بعيدا عن الماركتينغ للرئاسة أو الحزب الحاكم أو الرئيسة ديلما روسيف. وهذا التصور، ساهم في احتضان المجتمع المدني البرازيلي للمبادرة. وفي المقابل، نجد في المغرب العكس، فالدولة العميقة عملت على توظيف منتدى مراكش للماركتينغ السياسي من خلال تلميع صورتها وتهميش الأصوات المزعجة مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ووجه المقرر الأممي الخاص بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الجلسة الختامية ميشيل فورست نقدا واضحا للسلطات بقوله “الدفاع عن حقوق الإنسان بات مشبوها والمدافعين عن حقوق الإنسان باتوا عرضة للمشاكل والهجمات والتحرشات”

وعلى مستوى البرمجة والتصورات، راهن منتدى البرازيل على جوهر حقوق الإنسان وهي حرية التعبير سياسيا وإعلاميا مع التركيز على آليات محاربة الإفلات من العقاب. في المقابل، ابتعد منتدى مراكش من الإفلات من العقاب وركز على قضايا الشيوخ والأطفال، وهي حقوق تدخل في برامج الأحزاب السياسية أكثر بكثير من المفهوم المتعارف عليه في حقوق الإنسان. إذ توجد دول دكتاتورية تقمع حقوق الإنسان ولكنها توفر الحقوق المادية، ولا يمكن العثور ولو على دولة واحدة تحترم حقوق الإنسان في شكلها الكلاسيكي ولا توفر حقوق الطفل والشيوخ والمرأة.

وإعلاميا، شكل منتدى البرازيل الحدث الدولي وقتها بسبب قوة البرازيل واهتمام وسائل الاعلام في أمريكا اللاتينية به. وفي حالة مراكش، فقد غاب عن وسائل الاعلام العالمية، وقد يكون السبب في تذكير الرأي العام الدولي بوجود منتدى في المغرب قرار جمعيات فاعلة في المجتمع المدني المغربي مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان مقاطع هذا المنتدى. ومن الصعب على المنظمين تقديم ملف صحفي  يتضمن مقالات في وسائل الاعلام العالمية الكلاسيكية والبلدية بشأن تغطية حدث يحمل طابع منتدى عالمي.

وأخيرا، لم تشهد البرازيل منع أنشطة جمعيات حقوقية قبل وخلال وبعد المنتدى، والمغرب يشهد ويستمر في تسجيل المنع.

مقالات ذات صلة

Sign In

Reset Your Password