يعيش المغرب على إيقاع حكومة جديدة بزعامة حزب ينهل سياسيا من الإسلام ويصل لأول مرة في تاريخ البلاد للتسيير الحكومي بزعامة حزب العدالة والتنمية. وبدورها تعيش اسبانيا على إيقاع حكومة جديدة تتميز بعودة اليمين المحافظ للحكم بعد سبع سنوات من حكم الحزب الاشتراكي.
وتأتي هذه التطورات السياسية لتجعل المهتمين بشأن العلاقات المغربية-الإسبانية يتساءلون، وبنوع من القلق عن مستقبل هذه العلاقات، التي تبقى ومنذ مدة طويلة حبيسة الأزمات المرحلية التي تنفجر بين الفينة والأخرى. وتوجد معطيات واقعية وإن كان مبالغ في تأويلها في ضفتي مضيق جبل طارق تجعل القلق مشروعا رغم البرغماتية التي تفرضها العلاقات الدولية. فعودة الحزب الشعبي بزعامة ماريانو راخوي للحكم يحيي في ذاكرة الرأي العام المغربي الكابوس السياسي الذي عانى منه المغرب إبان حكومة خوسي ماريا أثنار الذي ينتمي الى الحزب نفسه. هذا الأخير الذي وظف المغرب بشكل مبالغ فيه إبان تزعمه المعارضة. ووصول حزب العدالة والتنمية للتسيير الحكومي بزعامة عبد الإلاه بنكيران، وهو الحزب الاسلامي، يقلق الرأي العام الإسباني نتيجة ما شاب مخيلته السياسية طيلة قرون وأساسا خلال العقود الأخيرة من تخوف من “البعبع الإسلامي” الذي روج له كثيرا الإعلام ومراكز البحث الاستراتيجي في الغرب. ولعل ما يزيد من عمق القلق السياسي هو تراجع الاستثمارات الإسبانية في المغرب، هذه الإستثمارات التي تم الرهان عليها لتكون صمام أمام لامتصاص التوتر في العلاقات الثنائية.
ويجب أن نتحلى بالتفاؤل بشأن مستقبل العلاقات الثنائية رغم صعوبة المشاكل العالقة ومنذ مدة طويلة بين البلدين. فحزب العدالة والتنمية، وإن كان لا يتحكم بصورة مطلقة في الخارجية، اعتبر الغرب حليفا رئيسيا وتاريخيا للمغرب، وهي رسالة تهدئة نحو باريس ومدريد. ومن جانبه، امتنع الحزب الشعبي عن إرسال أي وفد للمؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو، وهي رسالة واضحة للرباط مفادها تبني الحزب لسياسة الحياد في هذا النزاع. وفي الوقت ذاته، فالأزمة الاقتصادية العالمية والتي يعاني منها البلدين تجعل الشأن الداخلي يهيمن على الأجندة الحكومية. الوضع الحالي، يتطلب من البلدين التسلح بالبرغماتية في معالجة الملفات المشتركة وتفادي تصريف الأزمات الداخلية نحو الخارج.