تعتبر نبيلة منيب أول زعيمة سياسية على رأس حزب يساري في المغرب، انتخبت أمينة عامة للحزب الاشتراكي الموحد خلفا للأمين العام السابق محمد مجاهد يوم 15 كانون الثاني/يناير 2012 وهو الحزب الذي شمل ثلاث مكونات حزبية اتحدت تحت اسم واحد، وهي حزب اليسار الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي بالإضافة إلى عدد من التنظيمات اليسارية والنقابية والجمعوية. الحزب الذي يرأسه زعيمه الروحي محمد بن سعيد ايت إيدر وقبل تحالفه الحزبي الثلاثي ضم في البداية أربع هيئات سياسية اندمجت في الحزب النواة الذي حمل اسم «اليسار الموحد» سنة 2002.
شرعت نبيلة منيب في النضال السياسي مذ انتمائها للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في الجامعة المغربية. ومذاك الحين نشطت سياسيا وحقوقيا وجمعويا في عدد من الجمعيات والتنظيمات الحقوقية والمدنية. حصلت على شهادة الدكتوراه في فرنسا والآن تُدرس مادة علم الغدد والهرمونات في كلية العلوم «عين الشق» في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي ورئيسة فرعها الجهوي للدار البيضاء. وهي أيضا متزوجة وأم لثلاثة.
○ المغرب مقبل على انتخابات محلية في غضون أشهر، هل ستدخلون هذا الاستحقاق بعدما قاطعتم الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية لعام 2011؟
• نعتبر الانتخابات محطة أساسية في بناء الديمقراطية وسنشارك رغم الظروف الصعبة وعدم توفر شروط النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص. وكنا دائما نشارك لأن المشاركة بالنسبة لنا هي القاعدة وبشكل استثنائي قاطعنا انتخابات 2011 لأنها كانت سنة استثنائية بكل المقاييس لما عرفته من حراك وثورات عربية وصعود حركة 20 فبراير كما أننا آنذاك، لحظة نظمت انتخابات سابقة لأوانها، تقدمنا بمقترحات لضمان مصداقية ونزاهة الانتخابات وقلنا لابد من هيئة مستقلة للإشراف على سير العملية وتسجيل المغاربة انطلاقا من البطاقة الوطنية حتى يتسنى لـ13 مليون مغربي خارج التسجيل أن يساهموا في هذه العملية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتحرير الإعلام الرسمي وغير ذلك لكن لم تقبل مقترحاتنا.
نحن دفعنا دفعا للمقاطعة أنداك، واليوم اتخذنا قرار المشاركة لأنه قرارنا الأصلي وسنقوم بذلك إلى جانب أحزاب حليفة أسسنا بمعيتها «فيدرالية اليسار الديمقراطي» منذ أكثر من سنة، يضم الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني واتخذنا قرار المشاركة داخل الهيئة التقريرية المشتركة، وعازمون على خوض هذه الانتخابات لأننا نؤمن أن بناء الديمقراطية يتم عبر مستويات عدة بما فيها المستوى القاعدي المحلي والجهوي ونأمل أن تكون الدولة مستعدة لأن تفسح المجال لتباري حر ونزيه وسنخوض المعركة التي أطلقنا عليها معركة محاربة الفساد والمفسدين لفضح المتلاعبين بالمال العام وسندخل الانتخابات وسنرشح فيها أفضلنا رغم الصعوبات لأن المناضلين غالبا لا يتوفرون على إمكانيات خوض حملة في المستوى.
○ عودة لـ2011 شاركتم في احتجاجات حركة 20 فبراير التي أفرزتها رياح الربيع العربي في المغرب، بعد مرور أربع سنوات على الحراك ما تقييمك لما حققته الحركة في المشهد العام سياسيا واجتماعيا؟
• قبل 20 فبراير كان كل من يطالب بإصلاح الدستور ينعت بالدستوراني وبالعدمي ولا يرى ما يقع من إيجابيات في المغرب، الحركة دفعت في اتجاه فتح ملف إصلاح الدستور، الآن وبعد أربع سنوات يمكن أن نقول أن المغرب يعرف انحباسا سياسيا. هناك عودة لنوع من الاستبداد وعودة لتقوية الأحزاب الموالية للنظام وتبدو الأكثر استعدادا نظرا لان السلطة تدعمها، ورغم استمرار التحالف بين النظام والحزب الذي يتصدر الحكومة هناك انفتاح نحو الأحزاب التي نسميها إدارية حتى تشارك إلى جانب الأحزاب الإسلامية في الانتخابات المقبلة، والتغيير الذي عرفه الدستور والذي لم يسفر عن دستور ديمقراطي لأنه لم يحترم المبدأ الأساسي وهو الفصل بين السلطات، رغم ذلك نحن أمام دستور أكثر تقدما من دستور سنة 96 ولكن الملاحظ انه لم يتم تفعيل البنود الأساسية المهمة داخله وهو ما يوحي بان التغيير كان بغرض إسكات صوت الشارع وليس بغرض الإصلاح العميق الذي تحتاجه بلادنا.
من جهة أخرى هناك تنامي الأزمة المالية التي يعرفها النظام النيو يبرالي المتوحش والذي يسيطر ويضعف حتى السيادات الوطنية، هناك تنامي الحركات الإرهابية والمتطرفة في العالم، هناك تنامي الخوف وكل ذلك يستغل من قبل النظام اليوم ليشرعن رجوعه إلى التحكم في كل السلطات وإلى ضرب الحريات. فالوضع الذي يعرفه المغرب رغم أنه وضع مستقر وفيه أمان مقارنة بالجوار العربي إلا انه استغل هذا الظرف من أجل الرجوع إلى التحكم وانسداد الأفق السياسي والاستمرار في البؤس السياسي والاستمرار في التبعية الاقتصادية والتخلف تحت ذريعة الحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد.
○ رفعتم إلى جانب حركة 20 فبراير مطلب «الملكية البرلمانية» هل ما زال المطلب قائما؟
• بل هو المطلب الأساسي الذي سيجعل المغرب يعيش في مأمن من كل الانزلاقات وسيعطيه مناعة، آنذاك سنتقرب أكثر للتأسيس للديمقراطية المجتمعية والعدالة الاجتماعية وهذا الضامن للاستقرار الدائم في البلاد وليس الاستقرار الشكلي، فمثلا عندما نسد الأفق في وجه الشباب هناك حوالي 17 في المئة من حملة الشواهد العليا عاطلون عندما يتم ضرب الحريات والحقوق والتراجع عن المكتسبات. كذلك الاختيارات اللا شعبية واللا ديمقراطية التي تسير فيها الحكومة اليوم، امتثالا لأوامر المؤسسات المالية وابتعادها عن الإصلاحات الأساسية والمؤسساتية وإصلاح القضاء والتعليم العمومي وتوفير الخدمات الاجتماعية للجميع وتحقيق شروط الكرامة بالنسبة لكل الفئات، غياب كل ذلك بالنسبة لنا يهدد السلم هذا الذي من شأنه أن يضمن لنا الأمن والاستقرار. وإذا أردنا أن نعيش في سلام يجب أن نحقق ديمقراطية الدولة ومن ثم ديمقراطية المجتمع وديمقراطية الدولة تعني ملكية برلمانية بالمعايير الدولية. ليس كالآن حيث الحكومة مغلوبة على أمرها فهي لا تطبق برنامجها وهي تؤتمر وتطبق التوصيات.
○ ما تقييمكم لحصيلة عمل حكومة بن كيران باستحضار العوامل التي قد تحد من فعاليتها؟
• نحن لا نبرئ هذه الحكومة رغم صلاحياتها التي تبقى محدودة رغم التوسيع النسبي الذي عرفته في الدستور الأخير لكنها ضعيفة وتفتقد لنخب وللإرادة والذكاء أمام سلطة الدولة العميقة التي تشمل المؤسسة الملكية والمستشارين وغير ذلك، لكنها مع ذلك جاءت في ظروف استثنائية إبان الحراك الاجتماعي في المغرب لذا كان منتظرا منها أن تكون ممانعة وأن تفتح أوراشا للتغيير والإصلاح المؤسساتي، لكنها أثبتت أنها بدون تجربة ولا تتوفر على الذكاء اللازم لتدبير شؤون البلاد والصمود والالتزام نحو الدمقرطة الحقيقية. فصلاحيات رئيس الحكومة يتخلى عنها اليوم، ثم إن كل الاختيارات التي نراها والتغييرات التي تحصل هي مملاة. لهذا الدولة العميقة مسؤولة على تعطيل قطار الدمقرطة والإصلاح ومصيرها سيكون مصير تجربة التناوب التوافقي نفسه الذي انطلق سنة 1998 وستفقد مصداقيتها وشعبيتها، فهي بدون برنامج اقتصادي قوي ولا تحارب الفساد كما وعدت بذلك بل تخلت عن هذا الملف وطبعت مع المفسدين. طبعا من الممكن أن نقول أن أغلبية وزرائها لا يغتنون كما كنا نرى بالأمس القريب ولكن المشكل ليس فقط أن لا تسرق ولكن أن تسترد أموال الشعب المنهوبة والمهربة وأن تصلح النظام الضريبي حتى يمكن التفكير في التوزيع العادل للثروات يعني مباشرة الإصلاحات العميقة. بطبيعة الحال الحكومة ليست وحدها مسؤولة عن هذا الوضع المتردي لأنها ورثته، لكن ولأنها جاءت في ظروف استثنائية كان من المنتظر أن تأتي بحلول استثنائية وان تتقدم بشجاعة نحو بناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وهو لوحده مهم، فيما هي لا يهمها سوى أن تعود عبر الانتخابات وكل إصلاحاتها ذات توجه انتخابوي وليس إصلاحيا عميقا.
○ بوصفكم معارضة من خارج البرلمان كيف ترون عمل معارضة البرلمان وهل يمكن التنسيق معها؟
• المعارضة كما نتصورها وكما هو منصوص عليها في دروس العلوم السياسية هو أن تعارض الحكومة لأجل تقويمها. وأن تأتي بالمشروع البديل على كل المستويات اقتصادية وسياسية واجتماعية، ونحن نرى للأسف المعارضة داخل البرلمان ما يهمها هو أن تدفع برئيس الحكومة إلى الهاوية وتحل محله. فهي كانت تطبق ما يطبقه اليوم من أمور ليست في مصلحة البناء الديمقراطي خصوصا وان ضمن هذه المعارضة أحزاب عتيدة في النضال الديمقراطي لكنها الآن لم يعد يهمها سوى إرضاء الملك، في حين أن المعارضة كما عهدناها كمعارضة الكتلة الديمقراطية التي تقدمت بميثاق مهم طالب الملكية في بداية التسعينيات بإصلاحات دستورية وسياسية وتكلمت عن الملكية البرلمانية في عز حكم الراحل الحسن الثاني، وكمعارضة من خارج البرلمان لدينا مشروع مهم جدا من أجل ملكية برلمانية ودولة الحق والقانون وكان من الممكن أن تستفيد منه المعارضة. فمنذ سنين طالبنا بالتسجيل بالبطاقة الوطنية في الانتخابات وبهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وأن لا تبقى تحت رحمة وزارة الداخلية التي تصنع الخرائط.
كان من الممكن أن يلتقطوا كل هذا، لهذا أرى أن الأغلبية والمعارضة معا يعبران عن بؤس سياسي في الخطاب والممارسة ولا يقدمان البدائل القادرة على إخراج المغرب من أزماته الاجتماعية الاقتصادية والثقافية خصوصا وأننا مهددون بأمور كثيرة منها الحركات المسلحة في الجنوب وتجارة المخدرات التي تمر عبر الساحل ومع ذلك الحكومة والمعارضة ضعيفة، والمعارضة من خارج البرلمان رغم قوة مشروعها تهمش ويضغط عليها من ناحية التمويل وضرب الحريات كاعتقال بعض المناضلين.
○ من الأهداف التي سطرت لها عند انتخابك على رأس حزب اليسار الاشتراكي الموحد توحيد اليسار المغربي المشتت؟
• أن حركات النضال الديمقراطي تعرف أزمة في بلادنا نظرا لتشتت وبلقنة اليسار جراء سنوات الرصاص والقمع الممنهج والاستقطابات، هناك أيضا مسؤولية من داخل أحزاب اليسار التي لم تع في الوقت المناسب ضرورة تجديد فكرها وأدوات اشتغالها وإعادة بناء جسورها مع المواطنين. فكيف يعقل أن اليسار الذي يدافع عن الفئات الاجتماعية الواسعة كالعمال والكادحين ولم تعد له قاعدة شعبية واسعة تسانده وتصوت لصالحه؟ فالجهل والتفقير خدم النظام وخدم الحركات الإسلامية أكثر.
لهذا فمشروعنا هو إعادة بناء اليسار، والحزب الاشتراكي الموحد جمع خمسة مكونات لليسار وحزبين يساريين في إطار الفيدرالية ونحن منفتحون للمزيد. الحزب أيضا فتح أوراشا عديدة في تقوية الذات وتجديد الفروع وتأسيس فروع جهوية وتواصل كبير تجاه المواطنين ونحاول قدر الإمكان أن نستفيد من حركات اليسار الجديد الصاعد اليوم في أوروبا وأمريكا اللاتينية والذي أخدنا منه دروسا مهمة حول كيف يمكن للشعب أن يأخذ بزمام حاضره ويبني مستقبله؟ هناك انجازات لا يمكن الاستهانة بها وكفاءات متميزة في المجتمع اختارت أن تنضم لصفوفنا ونتمنى أن يستمر هذا وأن نحقق انجازات أكثر في الاستحقاقات المقبلة على مستوى تسيير الجماعات كي يتقدم النموذج ويصبح أكثر فعالية داخل المجتمع.
○ وفق الدستور الجديد أضحى كل أمين عام لحزب هو مشروع رئيس حكومة. ما ملامح مغرب قد تقود رئاسة حكومته نبيلة منيب؟
• هناك وعي يتنامى والكل يعرفه ويحسه ومن يصنع المستقبل هو الشعب والدستور الذي يقول بان كل أمين عام هو ربما مشروع رئيس حكومة فبإمكان الشعب أن يختار. وفكرة وجود امرأة على رأس مؤسسة حزبية لم تعد مرفوضة كما في الأمس، الكل اليوم مقتنع بدور ومقدرة المرأة فلم لا؟ بالنسبة لي أرى حكومة مستقلة في قرارها وتحترم البرنامج وتراه تعاقدا مع المواطنين يمكن محاسباتها عليه، ومغرب تكون فيه امرأة على رأس الحكومة سوف لن يكون سوى تقدمي حداثي وليس من حزب ذو مرجعية إسلامية فهم يؤمنون بأنه «لا يفلح قوم تولى أمرهم امرأة» وهذا اليسار سوف لن يشارك ويساهم إلا إذا كانت لديه السلطة فنحن نريد دستورا يطبق الفصل الحقيقي للسلطات وملكا يسود وحكومة تحكم، وأن لا نبقى في هذه الائتلافات الحكومية غير المتجانسة يسار يمين وإسلاميين فهذا كله يخدم الدولة العميقة. نحن نتكلم عن مجتمع يؤسس له دستور ديمقراطي، قضاء مستقل ونزيه. نتكلم عن المداخل الأساسية، يعني على الدولة أن تستمر في لعب دورها الاجتماعي بمدرسة جيدة للجميع وتكافؤ الفرص وعلى مستوى التغطية الصحية وضمان الشغل دولة الحق والقانون واحترام المواطن وانتقاله من الرعية إلى المواطن ثم دولة تؤمن بالمساواة ولا تخاف من طرح الأسئلة العميقة حول العلاقة التي يجب أن نبنيها اليوم بين الدين والدولة. وان نحترم الفرد في حرياته ومعتقداته، فالمجتمع الذي نحلم به هو المجتمع الذي ينقلنا من الشيزوفرانيا وبلد التناقضات إلى بلد الوضوح والتقدم وآنذاك ربما لن نحقق كل شيء لكننا سنشعر بأننا في مسار تراكمي عكس ما يقال اليوم حول التدرج في الإصلاح.
○ ما تقييمك للقضية النسائية في المغرب في ظل حكومة يقودها حزب إسلامي؟
• أجريت بحثا أكاديميا حول المسألة النسائية حتى لا أبقى في تشنج المرأة اليسارية التي تؤمن بالمساواة الكاملة. أردت أن أعرف الخبايا وكيف تطورت مطالب الحركة النسائية عبر التاريخ الذي عرف محطات نضالية عديدة خاضها اليسار في سبيل أن ننتصر للحقوق والحريات والكرامة الإنسانية للمرأة. لكننا اليوم نعيش ردة على كل المستويات، فنحن مثلا نرى ما يقع في الشرق من همجية في حق نساء صرن سبايا تباع وتشترى وهذا شيء لا يقبله أحد في الكرة الأرضية، وداخليا وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية فمرجعيته معروفة مذ كان حركة دعوية ومكانة المرأة في داخله دونية وضعيفة ولا يقلقهم زواج القاصرات ولا التعدد وهذا يعبر عنه من خلال تصريحات رئيس الحكومة والوزيرة الوحيدة التي كانت تمثل هذا الحزب، فهي حاصرت الحركة النسائية المغربية التي وضعت القاعدة الأساسية للنضال النسائي، ووزارتها تعطي الإعانات فقط للتنظيمات التابعة لها، فيما الجمعيات المناضلة تستمع لهم ولا تعمل برأيهم ورئيس الحكومة الذي من المفروض أن ينفصل عن حزب العدالة والتنمية ويقول أنه رئيس حكومة المغاربة كلهم وأن المغاربة كلهم ليسوا متفقين مع مشروعه، ويقول ان المرأة أن خرجت من البيت ستنطفئ أنواره، في الأسبوع نفسه الذي دعا فيه رئيس الوزراء الياباني النساء إلى المشاركة المكثفة من أجل نمو الاقتصاد وتقدم معدل النمو، فقال «إذا خرجت النساء اليابانيات للعمل ستشتعل الأنوار على اليابان». هنا يظهر الفرق الثقافي والفكري. فنحن نعيش تأخرا فكريا مذهلا مؤذيا لكل المغاربة. فالنضالات التي تقدم بفضلها المغرب خطوة إلى الإمام وخاضها اليسار والحركات التقدمية في البلاد والحركات النسائية وسنوات الجمر والرصاص التي عانينا منها نحن لم يشارك فيها الإسلاميون اللذين هم أصلا خلقوا خلقا لمحاصرتنا.
○ طرحت على المغرب أسئلة وملفات اجتماعية وقانونية كثيرة وعلى فترات متقاربة أولا الجدل حول مسودة القانون الجنائي؟
• أنها ضرب للحريات ومنحى متخلف حتى بالنسبة للدستور، وهنا يريد حزب الأغلبية مرة أخرى أن يستغل مكانته من أجل تمرير مسائل فمثلا زعزعة عقيدة مسلم وازدراء الأعيان وتجريم الإفطار في رمضان وتجريم الرسائل الالكترونية هذه أشياء غير مقبولة، كان من الممكن إيجاد حلول أخرى تحترم الحريات والمغاربة جميعهم حين سيقرأون المسودة سيشعرون بأنهم متابعون. علينا أن نتقدم ونصلح وإلا سيظهر المغرب في شيزوفرانيا أمام المنتظم الدولي، فهو يوقع على معاهدات لكن حين يجدد قوانينه الداخلية فتكون أكثر تخلفا. ولا يجب أن نخلف هذا الموعد كي نكون في مستوى العصر ونتعامل مع المغربي كمواطن عاقل وراشد وليس رعية تحت وصاية. نحن مع قانون جنائي يسعى لتحقيق العدالة وهذا يتطلب إصلاح منظومة العدالة بكاملها وليس فقط القانون الجنائي وهناك عدد من المقترحات التي أنجزت حول المسودة ويجب دراستها بشكل يقدم البلد وليس مشروعا متخلفا صياغة وفكرا.
○ النتيجة التي آل إليها النقاش حول الإجهاض؟
• لا أرى تقدما. والحالات التي بت فيها بالسماح بالإجهاض هي حالات بديهية وما زلنا في النفاق المجتمعي نريد أن نغض الطرف على نسب إجهاض مهولة تجري يوميا وتمر أغلبها في ظروف لا إنسانية وجسد المرأة هو ملكها، هذا ليس تشجيعا، وهنا أظن ستنقص حالات الإجهاض حين نتوفر على التوعية والتحسيس وعلى تربية جنسية، فنحن لا نعرف سوى العقاب. فمثلا حين تسود ثقافة احترام جسد المرأة وأن نحمي مثلا الفتاة الخادمة من الاعتداء سنحميها من الحمل ومن الإجهاض وأنا لا أريد أن ندخل مجتمعنا في منطق الحلال والحرام بل نريد أن ندخل منطق الحقوق وان جسد المرأة ملك وحق لها ووجب احترام إرادتها وصحتها النفسية ولا ندفع بها للتهلكة نفاقا وخداعا وشيزوفرانيا مجتمعية.
○ الجدل الذي خلفه فيلم «الزين اللي فيك» للمخرج نبيل عيوش؟
• لم أشاهد الفيلم وبناء على ما سمعته عنه لن أشاهده. ربما أنا تربيت في أسرة محافظة لا يقال فيها الكلام النابي وهذا حقي كمواطنة، وهنا لا أتحدث باسم الحزب. كل مجتمع لا يمكن أن يتقدم بدون فن وإبداع. أنا لا أؤمن بفن نظيف وفن غير نظيف لكن أؤمن بدور الفن في تهذيب الذوق والسمو به، فهل كل ما ينتج هو إبداع؟ أقول لا، في مجتمعنا نحن متعطشون لفن راق يعالج القضايا الاجتماعية ويعطينا الحلول لا أن يقذف في وجهنا بكلام ناب أو بصور خليعة وهنا أحمل المسؤولية للمثقف والمبدع بان لا يغتني على حساب المغاربة، نعم للاغتناء لكن بشرط أن ينتج لنا فنا حقيقيا لا ان نسقي أرضنا الجرداء للفن بالعفن.
○ في عز الجدل حول فيلم «عيوش» الممنوع نقل التلفزيون المغربي حفل جنيفر لوبيز بلقطاته الجريئة؟
• لا أرى هناك علاقة بين فيلم يوصف بـ«البورنوغرافي» مع ما تقدمه جينيفر لوبيز. فهي لم تنتظر حتى تأتي المغرب وترتدي ذاك اللباس، تلك ثقافتها ومعلوم عبر العالم أسلوبها في اللباس والاستعراض ورأينا الآلاف التي ذهبت لمشاهدة العرض. ما أراه شخصيا أنه من غير المعقول أن نأتي بفنانة من الخارج وامنحها مئات الملايين وهناك مغاربة ما زالوا يحييون سهرات بمبالغ ضئيلة. أنا مع الفن والمهرجانات الهادفة لكن على أساس أن نهتم أيضا بالفنان المغربي. من جهة أخرى التلفزيون هو من أدوات الإعلام الرسمي له توجهه وفلسفته لا أعرف المراد من البث المباشر؟ نحن لم نسمع مثلا بسقوط اسم مسؤول بسبب حفل جينيفر لوبيز، بما أننا ما زلنا في منطق الإفلات من العقاب تمر الأشياء ثم ننسى ما يحدث وكما قال صموييل هنتغتون هو سياسة الإلهاء عن القضايا المهمة كالفساد والاغتناء غير المشروع والريع والنفوذ والبطش وتبذير المال العام. لماذا لا يبث تقرير المجلس الأعلى للحسابات مباشرة على التلفزيون ونسمع عن الشركات التي نهبت المال العام والمسؤولين الفاسدين؟ فمثل هذه الأحداث تخدم فقط النظام وتؤجج التقاطب في المجتمع وانتظاري أنا مثلا أن أعطي تصريحا كي يتم انتقادي، أنا أطالب بإصلاح النظام والتوزيع العادل للثروات لا أحد يناقش معي هذه الملفات لكن يناقشون قضايا الإلهاء.
○ صور حركة «فيمين» في باحة صومعة حسان ونقاش المثلية الجنسية؟
• كل هذا إلهاء لا أحب الخوض فيه، ربما هناك جهات توجه هؤلاء للقيام بتلك التحركات، لهذا أرفض أن أخوض في هذا. فاحتياجات الشعب المغربي أكبر، أفضل أن أدافع عن مشروعي المجتمعي وأحصن الحزب، هذا كلام فارغ لا جدوى منه. أنا ضد اختلاق قضايا من أجل الإبعاد عن القضايا الأساسية، سنلتهي وغدا مثلا سنفاجأ بحزب الدولة يترأس الحكومة كما صار يحكم اليوم في قرى نائية لم يكن يعرفه فيها أحد حتى وقت قريب. فالمثليون كانوا منذ عهد هارون الرشيد موجودون ليس الأمر بجديد. ما يحدث هو بحث عن التقاطب كما بحثت الامبريالية والصهيونية عن التقاطب في الشرق الأوسط. أنا لا أريد التناحر بل بناء ثقافة الاختلاف وبناء مجتمع واع قادر على إعمال العقل فكل هذا مجرد خزعبلات.
○ كحزب يساري معارض من خارج البرلمان ما تصورك لحل نزاع قضية الصحراء؟
• هذه قضية بالغة الأهمية ووجب أن تطرح دائما كأولوية. هناك مشكل في الجنوب وأيضا في الشمال لا أفهم كيف لا يدخل المغرب في مفاوضات مع اسبانيا حول سبتة ومليلية من أجل على الأقل انتزاع موقف من اسبانيا يساندنا في إيجاد حل سلمي سياسي متوافق عليه بخصوص الأقاليم الجنوبية؟ أرى أن حل القضية لا يمكن أن يتم إلا في إطار بناء الديمقراطية وجهوية متقدمة، فبلد بدون حريات وديمقراطية كاملة لا يستمع إليه من طرف المنتظم الدولي، ونطالب هذا المنتظم بإعمال أدوات التحليل والنقد حول الوضع في الصحراء فالأغلبية هناك لا رغبة لها في الإنفصال.
أيضا هناك مشكل مطروح في منطقة الساحل يهدد المغرب والجزائر وحتى البلدان الأوروبية التي توجد في مجال تحركات الحركات الإرهابية، والمنتظم الدولي الذي يساند الحركة الانفصالية مؤخرا نشر تقرير عن إعانات الاتحاد الأوروبي التي لا تذهب إلى المخيمات، فلماذا لم يفعل شيئا من أجل تحرير المحتجزين في ظروف لا إنسانية؟ هذا لان المنتظم الدولي همه هو الحفاظ على المصالح الجيوستراتيجية فهو لا يريد أن يغضب الجزائر ومن جهة أخرى الدولة الرسمية المغربية ارتكبت أخطاء في مقاربتها الأمنية والريعية وإبعادها للفاعلين في إيجاد الحلول.
نحن كحزب له تاريخ في النضال في هذه القضية لا نقبل بوجود دويلات يدير دواليبها النظام الجزائري وقد وجب تقريب الرؤى بين من يؤمنون بالحق في تقرير المصير ومن يؤمنون بالوحدة الترابية وهذا التقارب سيتم في حال أنجزنا الديمقراطية والجهوية المتقدمة.