أياما قليلة من تاريخ مثول ابنته الأميرة كريستينا أمام القضاء الإسباني للتحقيق معها بتهمة الفساد، أقدم الملك خوان كارلوس على إجراء يهدف الى تعزيز الشفافية أمام الرأي العام في بلاده من خلال الكشف عن رواتب الملكة صوفيا والأمراء. ويخلف هذا الإجراء جدلا واسعا في بلد يزيد انقساما حول الملكية كنظام للبلاد.
وقرر الملك تخصيص مرتب لزوجته الملكة صوفيا بمعدل 131 ألف يورو يجمع بين مرتبها وهو النصف ثم تعويضات تمثيل الملكية في المناسبات الوطنية والخارجية. وكشف الملك عن مرتب الأمير ولي العهد فيلبي دي بوربون وهو 146 ألف يورو، بينما احتفظ الملك ب 229 ألف يورو سنويا. وحصلت ابنته الأميرة إلينا على 25 ألف يورو سنويا. ولم يخصص الملك لابنته الأميرة كريستينا أي مرتب، وهي الأميرة المتابعة في ملف اختلاس مالي.
وبهذا، يحاول الملك خوان كارلوس أن يعطي النموذج في الشفافية من خلال الكشف عن مرتبات الأمراء والإيحاء بأنها الأقل تقريبا في العالم مقارنة مع باقي الأنظمة الملكية الأوروبية، كما أن ميزانية القصر لا تتعدى ثمانية ملايين يورو تتضمن جميع المصاريف بما فيها المرتبات المذكورة.
وجاءت مبادرة الملك خوان كارلوس هذه أياما قليلة قبل استنطاق الأميرة كريستينا يوم السبت المقبل بسبب تورطها في اختلاسات مالية، وهو الحدث السياسي الأبرز لأنها أول عضو من العائلة الملكية سيمثل أمام المحكمة.
ومثل جميع المبادرات الصادرة عن الملك تلقى ترحيبا وتلقى رفضا في بلد مثل اسبانيا منقسم حول جدوى أهمية الملكية كنظام للبلاد. وثمنت وسائل الاعلام المحافظة المدافعة عن الملكية مثل آ بي سي ولراثون هذا الإجراء، واعتبرته نموذجا في الشفافية خاصة بالنسبة للهيئات السياسية والاجتماعية في اسبانيا. ومن جانبها، رحبت الحكومة بزعامة الحزب الشعبي المحافظ بما اعتبره إجراءا شفافا هاما في حياة المؤسسة الملكية. واعتبر الحزب الاشتراكي المتزعم للمعارضة أن ما قام به الملك سبق وأن طرحه الحزب الاشتراكي في البرلمان بشأن شفافية المؤسسة الملكية.
لكن رأي وموقف الجرائد اليسارية كان مختلفا، واعتبر “اليسار الموحد”، القوة السياسية الثالثة في البلاد، أن إجراء الملك غير كافي بل يجب أن يكشف عن جميع الاتفاقيات المالية الخاصة بالقصر وعن ما يملكه الملك والأمراء من ممتلكات مالية معقارية وأشياء أخرى.
واحتجت الحركات الاجتماعية التقدمية على الملك معتبرة أنه لا يمكن تعويض الملكة وولي العهد والأميرة عن تمثيل الملكية في أنشطة وطنية ودولية. وارتفعت مؤخرا في اسبانيا وثيرة مقاطعة الأنشطة التي يكون فيها أفراد العائلة الملكية حاضرين، حيث يظطرون أحيانا الى الخروج من أبواب خلفية تفاديا للاحتجاجات.
وتعتبر ميزانية الملكية الإسبانية الأضعف من نوعها في العالم، فهي دون الأوروبية ولا يمكن مقارنتها نهائيا مع ميزانية الأنظمة الملكية في العالم العربي التي تتراوح ما بين 300 مليون دولار في المغرب والى ملايير اليورو في العربية السعودية.