يستمر حادث نزع مغربي العلم الجزائري من مبنى القنصلية العامة للجزائر في الدار البيضاء في التفاعل سياسيا واجتماعيا في هذا البلد، وبدأ يتحول الى شبه منعطف في العلاقات الثنائية خاصة المخيال الشعبي نتيجة التركيز السياسي والإعلامي عليه، وبمكن مقارنته نسبيا بحرب الرمال التي اندلعت بين البلدين سنة 1963 وحكمت على العلاقات الثنائية بالتوتر المستمر وشبه الأبدي.
وكان شاب مغربي قد أقدم يوم فاتح نوفمبر الجاري خلال تظاهرة لمغاربة ضد سياسية الجزائر تجاه المغرب على خلفية الصحراء على نزع العلم الجزائري من أعلى مبنى القنصلية العامة للجزائر في الدار البيضاء. ومن الصدف السياسية المثيرة أن التظاهرة ونزع العلم تزامن مع احتفال الجزائريين بالذكرى 59 لانطلاق الثورة التي حررتهم من الاستعمار الفرنسي الطويل.
وأمام تأسف المغرب وعدم تقديمه اعتذارا رسميا للجزائر على هذا العمل لأنه يعتبره فردي ومعزل، وأمام الأجواء المكهربة بين البلدين، تؤكد وزارة الخارجية الجزائرية أن الأمر يتعلق بعمل مخطط له وليس بالعمل المعزول وفق تحليلها لشريط نزع العلم، وذلك في إشارة الى اتهام السلطات المغربية بالتورط في هذا الحادث.
وكرد فعل على الحادث، استدعت دبلوماسية الجزائر القائم بأعمال السفارة المغربية وعادت لتستدعي السفير المغربي بعد التحاقه بالسفارة الأحد الماضي بعدما كان المغرب قد استدعاه للتشاور حول الرسالة التي وجهها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى قمة إفريقية للتضامن مع جبهة البوليساريو في أبوجا بنيجيريا.
وبينما تبقي الدبلوماسية الجزائرية “نزاع العلم” مفتوحا ويستمر كعامل للتوتر وقد يتعاظم، يستمر كذلك سياسيا حاضرا، إذ تستمر الأحزاب السياسية الجزائرية في التنديد بهذا العمل وتطالب المغرب بالاعتذار. واجتماعيا، تتصدر منظمة أبناء شهداء الثورة الجزائرية سياسة شجب المغرب، ومن ضمن ذلك عقدهم الأربعاء الماضي لقاءا في العاصمة الجزائر للتنديد بالمغرب.
وبينما تزخر الصحافة الجزائرية يوميا بمقالات تندد بالمغرب، انضاف عدد من الفنانين الجزائريين الى هذا التيار من خلال المطالبة بمقاطعة فنية للمغرب، وعدم حضور مهرجانات مغربية وعدم استدعاء فنانين مغاربة للمشاركة في مهرجانات جزائرية.
وبدأ تراكم هذه الاحتجاجات السياسية والاجتماعية والتركيز عليها في التحول الى منعطف في المخيلة الجزائرية تجاه المغرب، إذ يعتقد جزء كبير من الرأي العام الجزائري أن المغرب هو مصدر الخطر الرئيسي. ومن شأن هذا أن يعيق مستقبلا تطور كل عملية تواصل على شاكلة ما وقع بعد حرب الرمال التي اندلعت بين البلدين سنة 1963. فحادث العلم بدأ يتخذ معالم حرب الرمال، وهذا سيترجم بمزيد من التوتر الأبدي بين البلدين.