تجسست اسبانيا عبر برامج/شفرة خبيثة “حصان طروادة” على عدد من الدول التي تعتبرها هامة بالنسبة إليها وعلى رأسها المغرب وبريطانيا والبرازيل، وقامت شركة كاسبيرسكي المتخصصة في إنتاج برامج مضادة للفيروسات المعلوماتية بفضحها. كما كانت في الوقت ذاته عرضة للتجسس من طرف فرنسا ببرنامج آخر.
هذا ما جاء في ملف جريدة الموندو المنشور يومه الأحد، حيث نجحت المخابرات الإسبانية في إنشاء برنامج أو شفرة خبيثة “حصان طروادة” باسم “كاريتو” وزرعته في عدد من الحواسيب والهواتف في دول متعددة على رأسها المغرب والبرازيل وبريطانيا وفرنسا وليبيا وإيران وفنزويلا والولايات المتحدة وكذلك اسبانيا وأساسا في منطقة الباسك التي ترغب في الانفصال.
وركزت المخابرات على البرازيل بحكم الاستثمارات الإسبانية الكبيرة في هذا البلد الواقع في أمريكا اللاتينية، وكانت ترغب في معرف كل الأسرار التي لديها ارتباط بعالم الاقتصاد. وركزت على بريطانيا بحكم الخلاف القائم حول السيادة على مضيق جبل طارق ومواضيع أخرى مثلها مثل فرنسا والولايات المتحدة.
لكن التركيز الرئيسي كان أساسا على المغرب، حيث نجحت المخابرات الإسبانية في التغلغل في 383 حاسوبا ونسبة أخرى من الهواتف وتأتي البرازيل في الدرجة الثانية ب 173، أي أقل من النصف.
وتنشر جريدة الموندو كيف قامت المخابرات بمطالبة أحد عملائها واسمه دفيد فيدال، الذي يحكي ذلك في كتاب صدر السنة الماضية، بالحصول على أكبر عدد من أرقام المسؤولين المغاربة وفي شتى المجالات لزرع الشفرة الخبيثة. ويكتب “عندما طلبت مني المخابرات ذلك سنة 2005، شككت في إعدادها لشفرة حصان طروادة…، وإذا كنت تعرف هاتف ضابط شرطة وتزرع فيه شفرة، هذا الضابط سيتحدث مع المدير العام للشرطة والأخير مع وزير الداخلية وهذا مع….، ويتم زرع الشفرة الخبيثة”.
وتبرز الجريدة نجاح المخابرات الإسبانية في زرع هذه الشفرة الخبيثة في هواتف وحواسيب متعددة ما بين سنتي 2007 الى 2014، حيث استطاعت شركة كاسبرسكي رصد هذه الشفرة والاعلان عن ذلك في موقعها ونشر خريطة انتشار هذه الشفرة، وأقدمت اسبانيا مباشرة تجميد الشفرة في جميع الحواسيب والهواتف تفاديا للمشاكل.
ويقول كارلوس باربودو من جامعة كومبلوتينسي وباحث في الاعلاميات “برنامج/الشفرة كاريتو ليس من الشفرات العادية التي يستعملها الإجرام المنظم بل ذو تقنية عالية، ولا يمكن سوى للدول والتي تتوفر على تكنولوجيا متطورة إنتاج مثل هذه البرمجيات لأنها معقدة وتستهدف أساسا المعلومات السرية وليس الربح المادي”. ويشكك باحث آخر أن تكون اسبانيا وراء هذه التكنولوجيا المتطورة.
ويرى خبير آخر وهو فيسنتي دياث من شركة كاسبرسكي أن تحديد هوية الجهة التي صنعت الشفرة الخبيثة مرتبط بالأماكن الجغرافية التي جرى التركيز عليها ولغة الملفات “إنجليزية ضعيفة واسبانية راقية”، واعتمادا على هذا يشير هذا الباحث الى اسبانيا. ويقول كارلوس باربودو “لقد تم زرع الشفرة في 383 حاسوبا مغربيا ورقم غير معروف من الهواتف، المغرب كان هدفا رئيسيا، وبالتالي، فكاريتو هو اسباني بدون شك”.
وعمليا، يحتل المغرب مكانة قصوى في أجندة المخابرات الإسبانية بسبب الحركات الإرهابية والمخدرات والهجرة السرية والنزاع حول سبتة ومليلية والتنافس الاقتصادي في الكثير من الملفات والقطاعات.
وفي حالة صحة تقرير كاسبرسكي، وتؤكد كل الدلائل على صحته بسبب وجود معطيات تقنية ملموسة ومنها خريطة انتشار الفيروس، تكون اسبانيا قد تجسست على معطيات مغربية حساسة. وتزامن رصد هذا الفيروس مع بداية نشر القرصان كولمان لوثائق الخارجية والمخابرات المغربية في موقع التواصل تويتر.
ومن جهة أخرى، كتبت الموندو أن اسبانيا بدورها كانت عرضة للتجسس ببرمجية أخرى وهذه المرة فرنسية وتسمى “بابر” حيث نجحت المخابرات الفرنسية في زرعه في حواسيب الحكومة الإسبانية إبان الأزمة الاقتصادية التي مرت منها لتعرف القرارات التي ستتخذها. كما نجحت في زرعه في دول أخرى.
ومن جهة أخرى، تنشر الجريدة في هذا الملف حول التجسس الالكتروني أن المغرب يشتري برمجياته الخبيثة من شركة إيطالية متطورة ومعروفة في هذا المجال، حيث سبق توظيفها في ضرب مواقع مغربية مرتبطة بحركة 20 فبراير مثل موقع مافكينش وكذلك قيم هاكر مغاربة بالهجوم على مواقع اسبانية وأجنبية ودائما في علاقة بمضامين مرتبطة بالصحراء تميل للبوليساريو.