بتعيين رايس وبوير، تصبح جميع مراكز صنع القرار في واشنطن غير متعاطفة مع المغرب وتميل لتقرير المصير

السفيرة الأمريكية الجديدة في الأمم المتحدة سامنثا بوير المؤيدة لتقرير المصير في الصحراء، وعلى يسارها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وفي اليمين مستشارة الأمن القومي سوزان رايس

تحمل التعيينات التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما باختيار سوزان رايس في منصب مستشارة الأمن القومي وتولي سامنثا بوير منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة انعكاسات يمكن وصفها بالسلبية على مصالح المغرب في نزاع الصحراء المغربية، خاصة في ظل فقدان المغرب لمخاطب وسط الإدارة الأمريكية. وتنضاف هذه التعيينات الى أخرى خلال الشهور الماضية ويتعلق الأمر بجون كيري في منصب وزير الخارجية وتشاك هيغل في وزارة الدفاع “البنتاغون” والتي بدورها لم تصب في صالح المغرب.

ولا تتردد وسائل الاعلام الأمريكية مثل نيويورك تايمز ومجلة ذي نايشن وواشنطن بوست في وصف تعيين سوزان رايس وسامنثا بوير الأربعاء من الأسبوع الجاري بالتعيينات التي تشكل منعطفا في الإدارة الأمريكية. وتكتب أه لم يسبق في الماضي أن تولت شخصيات معروفة بدفاعها عن حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية مناصب حساسة في المؤسسة الأمريكية  الحاكمة مثلما هو الشأن الآن. وشدد باراك أوباما خلال إعلان التعيين على هذه الخصال،

ومعرفة تأثير وصول سوزان رايس وسامنثا بوير على ملف نزاع الصحراء يتطلب فهم الرؤية الجديدة للإدارة الأمريكية للعالم وخاصة العربي منه، ثم رؤية رايس وبوير للأحداث العالمية، حيث ستكون طريقة تفكيرهما حاضرة في القرارات.

وعلاقة بهذا، يعتبر منصب مستشار الأمن القومي ركيزة من ركائز الإدارة الأمريكية التي تقرر في التوفيق بين المصالح الأمنية والسياسة الخارجية في الساحة الدولية. والمواقف اليسارية لسوزان رايس ستجعلها تميل نسبيا نحو التخفيف من الرؤية العسكرية للأمن القومي وتغليب ما تعتبره سياسة منفتحة على حقوق الإنسان لاسيما في ظل التغيرات الحالية بعد الربيع العربي بشأن العالم العربي.

وتاريخيا، كانت مؤسسة استشارية الأمن القومي تدافع عن المغرب في ملف الصحراء، ولعل أبرز عنوان في هذا الإطار، المواجهة القوية التي وقعت بين مستشار الأمن القومي إبراهام إليوت وسفير واشنطن في الأمم المتحدة جون بولتون سنة 2006 حول نزاع الصحراء. شدد السفير على ضرورة دفاع واشنطن على استفتاء تقرير المصير وتكليف المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان، ولكن إبراهام إليوت رفض ودخل معه في مواجهة في جلسة خصصت لنزاع الصحراء في البيت الأبيض. ويحكي جون بولتون الحادث في كتابه “الاستسلام ليس خيارا” الصادر  سنة 2007.

وإبان حقبة باراك أوباما، تولى توم دونيلون منصب مستشار الأمن القومي، ولم يبدي أي معارضة عندما تقدمت سوزان رايس بمقترح تكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان، وهو المقترح الذي لم ينجح في القرار 2099 المصادق عليه يوم 25 أبريل الماضي. والآن، أصبحت سوزان رايس هي المسؤولة استشارية الأمن القومي، ولم يمنعها أي أحد من تطبيق رؤيتها في نزاع الصحراء.

وغياب التوازن يتجلى في تطور مقلق للغاية، وهو تولي سامنثا بوير سفارة واشنطن في الأمم المتحدة. والسفيرة الجديدة معروفة بدفاعها عن حقوق الإنسان بل وتعتبر صديقة لأميناتو حيدر، حيث تفيد معلومات غير مؤكدة حتى الآن أنها زارتها ما بين 2005 و2007 في مدينة العيون. وتعتبر  صديقة قوية لمؤسسة روبرت كينيدي ودافعت عن كل مسلسللا الانفصال وتقرير المصير وآخرها جنوب السودان ودارفور. ويبرز كتابها “أمريكا في عهد الإبادة الجماعية” الحاصل على بولتزير 2003 تعاطفها مع البوليساريو وتعاطفها مع منظمة العفو الدولية وجمعيات حقوقية أخرى.

وخطورة هذه التعيينات على المغرب تتجلى في كون كل من سفارة واشنطن في الأمم المتحدة ومستشارية الأمن القومي تتبنى الموقف نفسه تجاه نزاع الصحراء، أي تأييد تقرير المصير ومراقبة حقوق الإنسان، وهذا لم يحدث نهائيا في الماضي. بل وتنضاف الى تعيينات سابقة مقلقة، وهي اختيار  جون كيري لوزارة الخارجية وهو المعروف بدفاعه عن حقوق الإنسان ومناهضته للحروب بدء من الحرب الفيتنامية الى التحفظ على العراق. واشتهر وزير الدفاع الجديد بمعارضته للحرب ضد العراق بل وانتقد بقوة إسرائيل في مناسبات متعددة ويرفض بيع الأسلحة للدول التي تخرق حقوق الإنسان.

وعليه، فمراكز القرار الخاصة بالدبلوماسية والأمن في الولايات المتحدة ترأسها شخصيات لا تعرب عن ود للمغرب في نزاع الصحراء. وجون كيري وسامنثا بوير من مؤيدي البوليساريو، وسوزان رايس تجعلها أفكارها حول حقوق الإنسان قريبة للغاية من جبهة البوليساريو وقد عبرت عن ذلك في مجلس الأمن خلال أبريل الماضي.

ويضاف الى كل هذا، الرئيس أوباما يؤمن برؤية نيلسون مانديلا للقارة السمراء القائمة على تقرير المصير والتي لا تجعله متعاطفا مع المغرب، ويكفي البرودة في العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ جرت مكالمة واحدة بنيه وبين الملك محمد السادس منذ وصوله الى البيت الأبيض.

تجري كل هذه التطورات ووزير الخارجية المغربية سعد الدين العثماني يصرح هذا الأسبوع لجريدة التجديد أن العلاقات المغربية-الأمريكية استراتيجية وتحكمها البرغماتية. ويبقى التساؤل، علاقات استراتيجية ولكنها لم تمنع مما يلي:

أولا، لم تمنع الكونغرس الأمريكي من تجميد مبيعات الأسلحة للمغرب سنة 2011 واشتراطها بحقوق الإنسان في الصحراء.

ثانثا، علاقات استراتيجية لم تمنع إقدام السفيرة السابقة سوزان رايس على تقديم مقترح لتكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.

ثالثا، رفض وزير الخارجية الأمريكي جون كيري استقبال الوفد المغربي في نهاية أبريل الماضي برئاسة الطيب الفاسي الفهري ورفقته يوسف العمراني الوزير المنتذب في الخارجية ومدير الاستخبارات العسكرية ياسين المنصوري، والاكتفاء بالسلام عليه في دهاليز الخارجية، وتقديم ذلك للرأي العام بمثابة لقاء رسمي.

Sign In

Reset Your Password