رفضت الخارجية الإسبانية تأكيد أو نفي خبر وجود مفاوضات بين الرباط ومدريد حول ما يعرف بحرب الغازات أو الحرب الكيماوية التي شنها الجيش الإسباني ضد الثورة الريفية بزعامة محمد عبد الكريم الخطابي في منتصف العشرينات من القرن الماضي.
وكانت الوزيرة المنتدبة في الخارجية امباركة بوعيدة قد صرحت في البرلمان يومه الثلاثاء من الأسبوع الماضي بوجود مفاوضات مع مدريد، واعتبرت الموضوع حساسا للغاية ويتطلب التحلي بروح المسؤولية. ولم تقدم بوعيدة معطيات حول نوعية المفاوضات وهل يتعلق الأمر باعتراف اسبانيا بمسؤوليتها والتعويض أم شيء آخر.
وحاولت ألف بوست الحصول على معلومات توضيحية من مصادر مقربة من الدبلوماسية الإسبانية وكان الجواب يتأرجح بين النفي والتحفظ، ويقول مصدر “في كل محاضر اللقاءات بين مسؤولي الرباط ومدريد لا يوجد محضر يشير الى ذلك، لكن يحدث أن تكون هناك مباحثات سرية لاسيما وأن الأمر يتعلق بملف حساس، إذ يترتب عن كل اعتراف إجراءات لاحقة”.
ويوجد وسط السياسيين والمؤرخين والجمعيات غير الحكومية عدد هام الذين يطالبون الحكومة الإسبانية بضرورة فتح هذا الملف مع المغرب والإقرار بالمسؤولية التاريخية لاستعمال الغازات السامة ضد ثورة الريف في العشرينات والانتقال الى تعويض الساكنة عبر مشاريع تنطلق من مستشفيات لمعالجة داء السرطان المنتشر بكثرة مقارنة مع باقي مناطق المغرب بل في مجموع شمال إفريقيا، وكذلك المساهمة في البنيات التحتية.
ومن ضمن الحواجز التي تواجهها أي حكومة اسبانية تقترب من هذا الملف بهدف معالجته ليس فقط موقف اليمين المحافظ والقومي بل حاجز المؤسسة العسكرية، إذ ترفض هذه الأخيرة الاعتراف باستعمالها الغازات السامة ضد ثورة الريف لأنها ستبقى نقطة سوداء في تاريخها.
وتقوى هذا التيار أكثر خلال مبادرة رئيس الحكومة السابق خوسي لويس رودريغيث سبتيرو التي سميت المصالحة الوطنية للحرب الأهلية “الذاكرة التاريخية” من أجل إنصاف ضحايا الحرب الأهلية في الثلاثينات. ولكن هذا التيار لم يجد وقتها مساندة من المغرب الرسمي. ويعود الفضل في تحريك هذا الملف الى جمعيات ونشطاء من منطقة الريف أساسا، بينما يغيب الملف في خطاب الأحزاب السياسية باستثناء مناسبات ناذرة عندما يكون هناك توتر مع اسبانيا.