تراوحت مطالب ناشطين أمازيغيين من ليبيا وأزواد والجزائر بين الدعوة إلى التنصيص الدستوري على رسمية اللغة الأمازيغية، والمطالبة بالاستقلال أو الحكم الذاتي.
جاء ذلك في المؤتمر الثامن لـ”أمازيغ العالم” الذي ينظمه التجمع العالمي الأمازيغي (منظمة غير حكومية)، بإيفران (وسط) المغربية، تحت شعار “ما هو المشروع المجتمعي والقيمي المشترك للشعب الأمازيغي؟”، حيث انطلقت أعماله، أمس السبت، ويختتمها اليوم الأحد.
وطالب “خودير سكوتي” الناشط الأمازيغي وممثل التجمع العالمي الأمازيغي بالجزائر، بالحكم الذاتي لمنطقة مزاب (جنوب) الجزائرية، واصفاً وضعية الأمازيغ بمناطق القبايل ومزاب وغرداية بالـ “القاتمة”.
وقال، في تصريحات للأناضول، إن النظام الجزائري يسعى إلى تغيير معالم ما وصفه بـ”الهوية الأمازيغية” بالبلاد، واصفا الدولة الجزائرية بـ”المستعمرة”، بل ووصف سياستها في منطقة مزاب الجزائرية بـ”الجهنمية والاستيطانية”، مشددا على أن “النظام الجزائري قام بإغراق المناطق الأمازيغية بالعرب”.
كما اتهم الدولة الجزائرية بـ”تدمير المعالم الأثرية للحضارة الأمازيغية قبل الإسلام، وطمس الهوية الأمازيغية بمزاب”.
بدوره قال “محمد بن صالح الأنصاري” مسؤول العلاقات الخارجية في جمعية “أمنار” بأزواد، في تصريح للأناضول، إن “المطالبة باستقلال أزواد عن مالي لم تأتِ عبثا، وإنما جاءت من خلال تجارب متكررة، من خلالها توصل المواطن الأزوادي الى أن التعايش مع الحكومات المالية بهذه الطريقة الممنهجة غير الإنسانية وغير الأخلاقية التي تستهدف المواطن البسيط غير ممكن”.
واعتبر أن “تعامل الحكومة المالية مع منطقة أزواد ولد قناعة عند أبناء المنطقة أنه لا يمكن أن تكون هناك حياة لهم ضمن هذه الدولة، وأنه لابد من استقلالية، يمكن أن تشمل هذه المنطقة وتحافظ على أهلها وإنسانيتهم وكرامتهم”.
وأضاف “الأنصاري” أنه “كما أن هناك خصوصية اجتماعية لمنطقة أزواد، فنحن نسعى سياسيا إلى أن تكون لنا خصوصية سياسية”، معتبرا أن ما سماه “الخصوصية السياسية” لن “تضمن ما لم تكن هناك إرادة من أطراف النزاع، لكن هذه الأطراف غالبا هي التي تسبب في خلق التوتر بين مكونات المجتمع من الداخل عسكريا وثقافيا وسياسيا”.
ورأى أن مطالب الأمازيغ في أزواد تتلخص أساسا في حياة كريمة تضمن الخصوصية لأهل المنطقة والمحافظة على التعايش السلمي بين مكونات المنطقة، باعتبار أن المنطقة فيها مكونات مختلفة ارتضت أن تتعايش سلميا تحت إطار ثقافة أمازيغية تحترم الجميع وتعترف للجميع بفضله، بحسب قوله.
أما “نصر أبو زخر” الناشط الأمازيغي الليبي، فقال للأناضول، إن التنظيمات الأمازيغية المسلحة بليبيا لن تسلم سلاحها، قائلا “لن نسلم سلاحنا لأي أحد، فالسلاح مستمر والنضال مستمر”.
ووصف فترة حكم معمر القذافي لليبيا بـ”الفترة المظلمة” في تاريخ الأمازيغ في ليبيا، معتبرا أن الثورة الليبية أعطت دفعة كبيرة لما سماه “الحراك السياسي والنضال الأمازيغي، حيث تمكن الأمازيغ من الحصول على السلاح، لأن التسلح في مواجهة القذافي كان ضروريا وحاسما”.
وقال إن الأمازيغية في ليبيا لا زالت تعيش تحديات دستورية من أجل إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية لليبيا، بالإضافة إلى التحدي الثقافي، داعيا إلى ما وصفه “إسلام أمازيغي غير عربي، مبني على المساواة والتسامح مع الديانات العقائد الأخرى”.
ويوم الافتتاح، السبت الماضي، ودعا “رشيد الراخا”، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي (منظمة غير حكومية)، في تصريح للأناضول، على هامش افتتاح المؤتمر الذي ينظمه التجمع، تحت شعار “ما هو المشروع المجتمعي والقيمي المشترك للشعب الأمازيغي؟”، إلى منح الحكم الذاتي للمناطق الأمازيغية في شمال إفريقيا، كمنطقة القبايل الجزائرية والريف (شمال شرق) وسوس (وسط) بالمغرب، وأزواد بشمال مالي.
كما دعا “الراخا” إلى تأسيس كونفدرالية بين دول شمال إفريقيا شمال، وإلغاء الحدود بين هذه الدول، وإلى اعتراف كل دولة من دول شمال إفريقيا بالحكم الذاتي لكل جهة بها.
واستطرد قائلا “حتى يتمكن مواطنو هذه الدول من تسيير جهاتهم وفقا لخصوصياتهم وثروات كل جهة”، مضيفا أن هذا الشكل السياسي الذي يدعو إليه “يسهل العيش على المواطنين، شريطة أن يكون مبنيا على الديمقراطية والتشاركية ووفق القيم الأمازيغية وهي التضامن والمساواة والعمل السلمي”.
وطالب “الراخا” بالاستقلال الذاتي لمنطقة الريف (شمال شرق المغرب) وسوس والأطلس الصغير (وسط ) الجنوب الشرقي للمغرب، ومنطقة القبايل ومزاب بالجزائر وأزواد بشمال مالي.
وقال إن “الاستقلال الذاتي لهذه المناطق سيمكن من تقاسم السلطة بين المركز والجهات في هذه الدول، وتوزيع الثروات بين الجهات بشكل عادل، وهذا سيفتح باب الديمقراطية أكثر، والديمقراطية تفتح المجال للتنمية الحقيقة”.
وبدوره طالب “إمازيغ اليزيد”، الناشط الأزوادي، في تصريح للأناضول، بالاستقلال الذاتي لأزواد عن مالي، مشددا على أن “أمازيغ أزواد متثبتون بحقوقهم في الاستقلال وسينالونها بكل الطرق سواء أحبت مالي أو كرهت”.
وتابع قائلا إن منطقة أزواد غنية بالثروات الطبيعية لذلك فإن مالي “تسعى لاستغلالها بدون أن تعطي الحقوق للأمازيغ السكان الأصليون للمنطقة”.
أما “مينة بن الشيخ”، رئيسة فرع المغرب للتجمع العالمي الأمازيغي، فقالت إن المغرب “رغم أنه خطى خطوات مهمة في الاعتراف باللغة والثقافة الأمازيغية، توجت بإقرارها اللغة الامازيغية لغة رسمية بالبلاد إلى جانب العربية، إلا أن هذا لا تصل إلى الطموح الذي نطمح إليه كأمازيغ”.
وذكرت ما اعتبرته “تراجعا” في السنوات الأخيرة في تدريس الأمازيغية في بعض المناطق بالمغرب، والإعلام العمومي المغربي، والتأخر في إصدار القوانين التي أقرها الدستور لتفعيل ترسيم الأمازيغية في الإدارة والحياة العامة في المغرب، وقالت إنه “لا يزال هناك تهميش يطال الأمازيغية المغرب”، ودعت إلى “المساواة التامة بين العربية والأمازيغية”.
وتأسس “التجمع العالمي الأمازيغي”، قبل حوالي 4 سنوات، على يد عدد من مؤسسي “الكونغريس الأمازيغي العالمي”(تأسس سنة 1995)، قبل انفصالهم عن هذا الأخير، على إثر أزمة تنظيمية في سنة 2008.
وهو “جمعية غير حكومية عالمية تعنى بالإنسان الأمازيغي وكل قضاياه الهوياتية، الثقافية، الحقوقية، التاريخية والجغرافية، تأسست على أرضية تقدمية وتعددية بغرض التعريف بالقضية الأمازيغية وما مسها من تهميش واستغلال وتزييف إن لم نقل محوا للموروث الديموغرافي الأمازيغي”، كما جاء في موقع التجمع.