انتهت مناقشات الميزانيات الفرعية والقطاعية للوزارات المتعلقة بقانون المالية المغربي الجديد، الذي تمت مناقشته يومي السبت والأحد الماضيين، ليعقبها التصويت على أفق استكمال مناقشة الجزء الثاني ليعرض بعد ذلك على (الغرفة الثانية) مجلس المستشارين.
ويرى فوزي الشعبي، رجل الأعمال المغربي وعضو إدارة الهوليدينغ “يينا”،والعضو السابق في البرلمان، في مقابلة خاصة مع “العربية نت” أن مشروع قانون المالية للعام المقبل، الذي بني على فرضية تحقيق نسبة نمو تقدر بـ4.2 بالمائة، وخفض نسبة العجز إلى 4.9 بالمائة، لم يستطع تقديم إجراءات نوعية تقوي من نسبة نجاح هذه الفرضيات.
وقال الشعبي إن حجم ميزانية الاستثمارات العامة، المخصصة لهذه السنة تظل ضعيفة، وتمثل 50 مليار درهم للاستثمار العام وهو نفس المبلغ المرصود في ميزانية قانون المالية السابق عمليا، بعدما أن تم إلغاء 15 مليار من أصل 60 مليار درهم تقريبا.
ولتف إلى أن المالية المغربية تعتمد في تمويلها العمومي أساسا، على الدين الخارجي والضرائب المباشرة وغير المباشرة ولتعزيز مواردها تم رفع نسبتها إلى مستويات غير معقولة، خاصة الضرائب الغير المباشرة والتي مست العديد من المواد الموجهة للاستهلاك، مما سيفضي في نظره إلى انكماش القدرة الشرائية وتراجع الإنتاج.
وأشار إلى أن هناك تردد بل تراجع عن استكمال تمويل الاستراتيجيات الكبرى للاقتصاد الوطني مثل الإقلاع الصناعي والمغرب الأخضر والمخطط الأزرق، وتهم على التوالي القطاع الصناعي والفلاحي والسياحي، الشيء الذي خيب آمال الفاعلين في مختلف هذه القطاعات، ودفع البعض إلى التنبيه إلى مخاطر التراجع عن هذه الاستراتيجيات التي قد تساعد الاقتصاد الوطني على الصمود في ظل استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وشدد الشعبي على ضرورة إعادة النظر في سياسة دعم الاستهلاك، الذي يتطلب إصلاحا عاجلاً لصندوق المقاصة، الذي أنشأ لأجل تأمين استقرار المواد الأساسية والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة الفئات الفقيرة، لكن هذه الأخيرة لا تحصل من هذا الصندوق إلا على 540 درهم في حين يصل المبلغ الذي تستفيد منه الفئات الغنية إلى 1200 درهم ، فيما تحصل الطبقة المتوسطة على 240 درهم.
ويصف السياسة المتبعة في تدبير صندوق الدعم بالشعبوية، لكونه لا يخضع إلى منظومة رقابية، مما يفسح المجال لبعض الشركات الكبرى في تراكم أرباح مضاعفة من هذا الصندوق، نتيجة غياب التقنين، فباسم دعم السكر مثلا، يقول المتحدث، تستفيد جميع الشركات التي تدرج هذه المادة ضمن منتوجاتها الصناعية، وبذلك تضيع الحكومة الملايير من الدراهم، التي كان من المفروض أن يقدم جزء منها إلى الفقراء، وتوجيه ما تبقى منها للاستثمار في بناء الطرق والموانئ والمستشفيات والمدارس.
كلفة صندوق المقاصة، ظلت ترتفع سنة بعد أخرى، من نحو 17 مليار درهم في 2007، إلى 60 مليار درهم في 2012، وهذه تكلفة باهظة، خاصة وأن دعم المحروقات يستنزف الجزء الأكبر من الميزانية.
وفي رأي رجل الأعمال فوزي، فإن الحكومة إذا لم تتوفر على الشجاعة الكافية و مخططات واضحة و شمولية في إصلاح صندوق المقاصة، وظلت تنهج حلولا ترقيعية، فإنها ستجد مستقبلا نفسها عاجزة حتى عن دفع رواتب الموظفين