فاضحو الفساد .. لمن يقرعون الأجراس في المغرب؟ حالة أحمد ابن الصديق

المهندس أحمد بن الصديق

 

بعد أن كان مهندسا ناجحا وحظي باستقبال ملكي، أصبح المهندس المغربي أحمد ابن الصديق بين عشية وضحاها فاقدا لكل شيء. السبب: فضح الفساد في الدولة فجاءه العقاب من الدولة نفسها. المغرب “انتقل من شعار محاربة الفساد إلى التعسف ضد من يحارب الفساد”، يقول ابن الصديق في عرض قدمه أمام فريق العدالة والتنمية في البرلمان المغربي في الخامس من مارس الماضي.

نموذج من المغرب
فجأة ظهر اسم المهندس أحمد ابن الصديق في الأوساط الإعلامية كواحد من أشرس الفاضحين للفساد في المغرب، مزودا بالأرقام والبيانات والحجج. دون جدوى، حاول في البداية إثارة انتباه الملك لخطورة الوضع، فقرر “خلع” بيعة الملك. كانت تلك الخطوة سابقة في تاريخ المغرب المعاصر. “إنه يؤسفني أن أخبرك أني قد خلعت بيعتك من عنقي”. هكذا خاطب ابن الصديق الملك محمد السادس في رسالة مفتوحة وجهها له في شهر يوليو 2011.

“لقد خاطبتك بكل الصيغ وراسلتك بشتى الوسائل مذكرا بجرائم بعض من منحتَـهم ثـقـتك أو أبرمت معهم الصفقات وأظللتهم بردائك، فتفننوا في تلفيق التهم الباطلة، والاستخفاف بالقانون واحتقار التراث والتاريخ والحضارة وسرقة المال العمومي وقرصنة الأفكار والجهود ثم شهادة الزور واستعمال اسم الملك ليصبح سلاحا من أسلحة الدمار الشامل مع التداعيات المأساوية المعنوية والمادية والمهنية والنفسية والاجتماعية لتلك الجرائم (….) فعلّـمني الصمت الرهيب أن الجبن وانعدام الأخلاق والتملص من المسؤولية والإفلات من المحاسبة قواسم مشتركة عند بعض من يتحلقون حولك. وأي تشجيع للفساد ومؤازرة للظلم أكبر من صمت الجبناء؟”

نموذج من السعودية
مع انتشار وسائل الاتصال الاجتماعية من التويتر والفيسبوك، بدأ مواطنون سعوديون بأسمائهم أو بأسماء مستعارة ينتقدون مظاهر الفساد الإداري في بلدهم مع يحمله ذلك من مخاطر على مستقبلهم المهني. ولعل حالة الموظف عبد الرزاق الكنعان لخير دليل على ما أقدم عليه هذا الموظف حينما أدين من طرف المحكمة بسبب فتحه ملف فساد التعليم في حائل. حالة الموظف عبد الرزاق كنعان أثارت كتاب الرأي في صحافة المملكة الذين لم يخفوا مؤازرتهم له. ففي صحيفة الشرق نشر مانع اليامي مقالة تحت عنوان: “الموظف عبدالرزاق الكنعان يكافح الفساد.. من يحميه؟” ومما جاء فيه:

“عبدالرزاق ترجم أمانته الوظيفية بشجاعة، وضع بصمة الحس الوطني العالي في طيات ملف فساد ثقيل رغم كل التحديات المتوقعة، عبدالرزاق كسر الحواجز، ولقن الجميع درسا وطنيا في مكافحة الفساد ذاتيا وترك المتبقي لحماية النزاهة”.
لا شك أن المنطقة العربية تعج بقارعي الأجراس، أصحاب الضمير اليقظ الذين يخاطرون بمصالحهم الشخصية من أجل الإسهام في تصحيح الأوضاع والدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.

إحساس رائع

يقرن اسم المهندس أحمد ابن الصديق في المغرب بعناده واستماتته في فضح الفساد والمفسدين مهما علت مراتبهم في الدولة. “لقد أصبحت مقاومة الفساد جزءا من كياني، أو ربما أصبحت أنا جزءا منها أو على الأقل يخيل لي ذلك”، يقول ابن الصديق في تصريح مكتوب لإذاعة هولندا العالمية.

طرد ابن الصديق من العمل “أصبح اليوم ثانويا”، يضيف المهندس المغضوب عليه في تصريحه للإذاعة. فلقد قادته مقاومته للفساد في بلده المغرب إلى اكتشاف معنى الحرية التي تكتمل به إنسانية الإنسان، بحسب قوله. “لقد تعلمتُ من هذه التجربة، وخاصة بعدما أرسلتُ رسالتي المفتوحة للملك منذ سنتين، أن الحرية إحساس رائع بدونه لا تكتمل إنسانية الإنسان. و أن الخوف هو أكبر سلاح بين يدي الطغاة و اللصوص و المفسدين”.

Sign In

Reset Your Password