ارتفعت وتيرة المواجهة بين روسيا والغرب بسبب ملف أوكرانيا، حيث لا يتردد الغرب في نهج عقوبات اقتصادية قاسية بهدف تحجيم دور موسكو الدولي، وهذه الحرب الجديدة تمتد الى الحلفاء والشركاء. وقد تكون من الأسباب التي تجعل المغرب يتريث في رهان مطلق على موسكو.
وإذا كان الملف السوري بداية التوتر بين روسيا والغرب بزعامة الولايات المتحدة، فالملف الأوكراني يعتبر المنعطف الحقيقي في عودة حرب باردة في نسخة مختلفة عن القديمة التي كانت إديولوجية بالأساس إبان الاتحاد السوفياتي. وأخذ الملف أبعادا حقيقية، تجعل دولا أوروبية تتخوف من مخططات سرية لموسكو للضغط على أوروبا بهدف تغيير المعطيات جيوسياسية والتي اتضحت من خلال ضم جزيرة القرم وجعل جمهوريات أوروبية صغيرة تتبنى الاعتدال تجاه الكرملين.
وهذه الحرب مرشحة لمزيد من التصعيد في ظل تهديد الغرب بمزيد من العقوبات الاقتصادية والتحذير من خطورة مخططات عسكرية مفترضة لروسيا لنشر الفوضى في أوروبا. واستمرار التوتر يجعل مفهوم الاصطفاف يعود بقوة الى العلاقات الدولية، حيث يكون كل انفتاح على هذا الطرف أو ذاك عاملا يحمل انعكاسات سلبية سياسيا واقتصاديا.
وتتزامن الحرب الباردة الجديدة في وقت قرر المغرب منذ شهور الرهان على تطوير العلاقات مع روسيا، لكن هذا التطور بقي مجرد تصريحات دون ترجمته الى عمل ملموس مثل الزيارات وتوقيع الاتفاقيات.
وكان رهان المغرب على روسيا بسبب الموقف التي يعتبرها غير ودية التي صدرت عن الولايات المتحدة في نزاع الصحراء سنة 2014 عندما أرادت واشنطن تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان.
وجرى الحديث عن زيارة محتملة للملك محمد السادس الى موسكو والتي برمجت مبدئيا خلال يونيو ثم سبتمبر الماضيين لتطوير العلاقات السياسية، والرهان على تطوير العلاقات التجارية. ولم يتم إجراء الزيارة، بينما بقيت العلاقات السياسية والاقتصادية الروسية-المغربية على وضعها بدون تطور يذكر.
ولا تقدم الدبلوماسية المغربية تفسيرات لعدم تطور العلاقات مع موسكو عكس ما كان يقال خلال الصيف الماضي، لكن هذه البروة تعود الى عاملين، الأول وهو إدراك المغرب أن الرهان على موسكو في وقت تشتد فيه الحرب الباردة قد تكون له انعكاسات سلبية بسبب ارتباط اقتصاد وسياسة المغرب بالغرب أكثر من أي دولة أو تكتل آخر. ويتجلى السبب الثاني في ليونة نسبية في مواقف الدول الغربية تجاه الصحراء، حيث لم يعد هناك ضغط على المغرب من طرف واشنطن كما كان الشأن سنة 2013، دون أن يعني هذا تغيير في الموقف الأمريكي بل فقط تراجع الضغط.